الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإذا ادعى مالا مضافا إلى سبب كأقرضتك كذا كفاه في الجواب لا تستحق ) أنت ( علي شيئا ) أو لا يلزمني تسليم شيء إليك ( أو ) ادعى عليه ( شفعة كفاه ) في الجواب ( لا تستحق علي شيئا ) ولا نظر لكون العامة لا يعدون الشفعة مستحقة على المشتري ( أو لا تستحق تسليم الشقص ) ولا يشترط التعرض لنفي تلك الجهة ؛ لأن المدعي قد يصدق فيها ولكن عرض ما أسقطها من نحو أداء أو إبراء أو إعسار أو عفو في الثانية فإن نفاها كذب وإن أقر بها لم يجد بينة فاقتضت الضرورة قبول إطلاقه ، ومر في بابها كيفية دعواها وجواب دعوى الوديعة على تودعني أو لا تستحق علي شيئا أو هلكت أو دفعتها دون قوله لم يلزمني دفع أو تسليم شيء إليك ؛ لأنه لا يلزمه ذلك بل التخلية وجواب دعوى ألف صداقا لا يلزمني تسليم شيء إليها إن لم يقر بالزوجية وإلا لم يكفه وقضي عليه بمهر المثل إلا إن ثبت خلافه وقد شنعوا على جهلة القضاة بمبادرتهم إلى فرض مهر المثل بمجرد عجزها عن حجة بما ادعته والصواب سؤاله فإن ذكر قدرا غير ما ادعته تحالفا فإن حلفا أو نكلا وجب مهر المثل أو حلف أحدهما فقط قضي له بما ادعاه ويكفي في جواب دعوى الطلاق أنت وزوجتي والنكاح لست زوجتي ولا يكون طلاقا فلو صدقها سلمت له ولو أنكر وحلف حل له نحو [ ص: 306 ] أختها وليس له تزوج غيره حتى يطلقها أو يموت وتنقضي عدتها وينبغي للحاكم أن يرفق به ليقول إن كنت نكحتها فهي طالق ( ويحلف على حسب جوابه هذا ) ليتطابق الحلف والجواب ( فإن أجاب بنفي السبب المذكور حلف عليه ) ليطابق اليمين الجواب ( وقيل له حلف بالنفي المطلق ) كما لو أجاب به ويرده وضوح الفرق أو بالطلاق فكذلك ولا يكلف التعرض لنفي السبب فإن تعرض له جاز لكن لو أقام المدعي به بينة لم تسمع بينة المدعى عليه بأداء أو إبراء ؛ لأنه كذبها بنفيه للسبب من أصله وعلم مما تقرر أنه لو ادعى دينا وهو مؤجل ولم يذكر الأجل كفى الجواب بلا يلزمني تسليمه الآن ويحلف عليه ولو ادعى على من حلف لا يلزمني تسليم شيء إليك بأن حلفك إنما كان لإعسار والآن أيسرت سمعت دعواه ويحلف له ما لم تتكرر دعواه بحيث يظن منه التعنت .

                                                                                                                              ( تنبيه ) ما تقرر من الاكتفاء بلا تستحق علي شيئا استثنوا منه مسائل منها ما إذا أقر بأن جميع ما في داره ملك زوجته ثم مات فأقامت بينة بذلك فقال الوارث هذه الأعيان لم تكن موجودة عند الإقرار فإنه يحلف لا أعلم أن هذه ولا شيئا منها كان موجودا في البيت إذ ذاك ولا يكفي حلفه على أنها لا تستحقها

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : إلا إن ثبت خلافه ) قال في شرح الروض أي : إنه نكحها بأقل من ذلك فلو صدقها سلمت له كذا في الروض .

                                                                                                                              [ ص: 306 ] قوله : كفى الجواب بلا يلزمني تسليمه إلخ ) قال في الروض وفي جواز إنكاره استحقاقه أي : بأن يقول لا شيء له علي وجهان قال في شرحه قال الزركشي المذهب المنع كما حكاه شريح الروياني عن جده ا هـ



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله ولا نظر لكون العامة إلخ ) عبارة المغني : ونازع البلقيني في جواب دعوى الشفعة وقال أكثر الناس : لا يعدون الشفعة مستحقة على المشتري ؛ لأنها ليست في ذمته ولا يتعلق به ضمانها كالغصب وغيره ، فالجواب المعتبر لا شفعة لك عندي كما عبر به في الروضة ، وعبارة المحرر : لا تستحق علي شفعة ا هـ . والمعتمد ما في المتن ا هـ . ( قوله في الثانية ) أي : الشفعة ع ش ( قوله في بابها ) أي : الشفعة ( قوله لم يلزمني دفع إلخ ) كذا في أصله ، وفي النهاية وكان الأنسب التعبير بلا ، إذ لم لنفي الماضي ، ثم رأيت المغني عبر بلا سيد عمر .

                                                                                                                              ( قوله وجواب دعوى ألف إلخ ) عبارة الأنوار : ولو ادعت عليه ألفا صداقا يكفيه أن يقول : لا يلزمني تسليم شيء إليها ، قيل للقفال هل للقاضي أن يقول : هل هي زوجتك ؟ فقال : ما للقاضي ولهذا السؤال ، لكن لو سأل فقال : نعم قضي عليه بمهر المثل ، إلا أن يقيم بينة أنه نكحها بكذا ، فلا يلزمه أكثر من ذلك ا هـ . ( قوله وإلا لم يكفه ) أي ؛ لأن من اعترف بسبب يوجب شيئا لا يكفيه في نفي ما يوجبه ذلك السبب جواب مطلق مثل لا تستحق علي شيئا ، بل لا بد من إثبات عدم ما أوجبه بطريقة ع ش . ( قوله وقضي عليه بمهر المثل ) انظره مع ما بعده رشيدي وقد يقال : إن ما يأتي تفصيل لما هنا فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله إلا إن ثبت خلافه ) أي : ثبت أنه نكحها بأقل من ذلك ، فلا يلزمه أكثر منه أسنى وأنوار ، وينبغي كما مر عن سم وأخذا مما يأتي أو ثبت بنحو يمينها المردودة أنه نكحها بذلك أي : الألف فيلزمه ذلك . ( قوله بمبادرتهم إلى فرض مهر المثل إلخ ) لعله فيما إذا أجاب بأنه لم ينكحها بهذا القدر حتى يفارق ما قبله ، وإلا بأن كان جوابه لا يلزمني دفع شيء إليها ، كيف يسأل عن القدر ؟ فليراجع . رشيدي . وقد يقال كما مر : إن ما هنا تفصيل لما مر ، وحاصله أنه متى أقر بالزوجية ، فلا يكفيه في الجواب لا يلزمني دفع شيء إليها ، فيسأل عن القدر كما مر آنفا عن ع ش . ( قوله فإن ذكر قدرا إلخ ) وإن لم يذكره فما حكمه ؟ وهل يجعل كمنكر ناكل بقيده ؟ فليراجع وليحرر .

                                                                                                                              ( قوله غير ما ادعته ) لعل المراد دون ما ادعته أي : وأما إذا ذكر قدره أو فوقه فالأمر ظاهر . ( قوله فلو صدقها سلمت له إلخ ) تقدم مثله قبيل الفصل عن الأنوار والروض بزيادة بسط . ( قوله حل له نحو [ ص: 306 ] أختها ) أي : ظاهرا ، وكذا باطنا إن صدق كما هو ظاهر من نظائره رشيدي . ( قوله وليس لها تزوج غيره ) أي : ظاهرا ، وكذا باطنا ، إن صدقت أخذا من نظائره . ( قول المتن ويحلف ) أي : المدعى عليه على حسب بفتح السين بخطه ، ويجوز إسكانها أي : قدر جوابه هذا أو على نفي السبب ، ولا يكلف التعرض لنفيه ، فإن تبرع وأجاب إلخ مغني عبارة الروض مع شرحه : ويحلف المدعى عليه إذا اقتصر على الجواب المطلق ، وأفضى الأمر إلى حلفه كجوابه ، أو على نفي السبب ، وإن كان الجواب مطلقا ، فلا يلزمه التعرض لنفي السبب عينا ا هـ .

                                                                                                                              ( قول المتن بنفي السبب المذكور ) كقوله في صورة القرض السابقة على ما أقرضتني كذا مغني . ( قوله أو بالإطلاق فكذلك إلخ ) لا يخفى أنه مكرر مع قول المتن : ويحلف على حسب جوابه هذا ، فكان الأولى أن يسقطه ويذكر قوله : ولا يكلف التعرض لنفي السبب قبيل قول المتن : فإن أجاب إلخ كما مر عن المغني . ( قوله ولا يكلف التعرض ) إلى قوله أي وحينئذ في النهاية إلا قوله ، فإنه يحلف لا أعلم أن إلى يكفي حلفه . ( قوله فإن تعرض إلخ ) متصل بقول المصنف : كفاه في الجواب لا تستحق علي إلخ ولو قدمه لكان أوضح ع ش ، عبارة الرشيدي قوله : فإن تعرض له جاز لا حاجة إلى هذا مع ما قبله ، وحق العبارة ولو تعرض لنفي السبب وأقام المدعي به بينة إلخ على أنه تقدم له خلاف هذا ، وأنه تسمع من المدعى عليه البينة حينئذ بما ذكر فليراجع ا هـ . وقوله تقدم لعل في شرح أمهل ثلاثة أيام ، وقوله خلاف هذا وأنه إلخ أي : إلا أن يدعي أن ما تقدم محله فيما إذا لم يسند المدعي المدعى به إلى سبب فليراجع .

                                                                                                                              ( قوله فإن تعرض له ) أي : لنفي السبب وقوله ولو أقام المدعي بكسر العين به أي بالسبب ووجوده . ( قوله وهو مؤجل ) أي في نفس الأمر ع ش ( قوله ولم يذكر الأجل ) هو تصحيح للدعوى ؛ لأن الدعوى بالمؤجل لا تسمع كما مر أسنى ، وهذا كالصريح في صحة دعوى الدين المطلق بدون تقييده بالحلول . ( قوله كفى الجواب إلخ ) ولا يجوز إنكاره استحقاقه بأن يقول : لا شيء له علي في أحد وجهين قال الزركشي إنه المذهب كما حكاه الروياني عن جده ولو أقر له خصمه بثوب مثلا وادعى تلفه ، فله تحليفه أنه لا يلزمه تسليمه إليه ، ثم يقنع منه بالقيمة ، وإن نكل حلف المقر له على بقائه وطالبه به ، مغني وروض مع شرحه .

                                                                                                                              ( قوله بذلك ) أي الإقرار المذكور ( قوله فقال الوارث : هذه الأعيان لم تكن إلخ ) أي فيكتفى منه بذلك ع ش . ( قوله ولا شيئا منها ) الأولى أو شيئا إلخ ( قوله ولا يكفي حلفه على أنها لا تستحقها ) أي : لا شيئا منها أخذا من أول كلامه .




                                                                                                                              الخدمات العلمية