الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإذا ادعى عليه عينا ) عقارا أو منقولا ( فقال ليس هي لي أو ) أضافها لمن لا تمكن مخاصمته كقوله ( هي لرجل لا أعرفه أو لابني الطفل ) أو المجنون أو السفيه سواء أزاد على ذلك أنها ملكه أو وقف عليه أو لا كما هو ظاهر .

                                                                                                                              ( أو وقف على الفقراء أو مسجد كذا ) وهو ناظر عليه ( فالأصح أنه لا تنصرف الخصومة ) عنه ( ولا تنزع العين ) منه ؛ لأن الظاهر أن ما في يده ملكه أو مستحقه وما صدر عنه ليس بمزيل ولم يظهر لغيره استحقاق كذا قالوه هنا وقد ينافيه قولهما عن الجويني وأقراه لو قال للقاضي بيدي مال لا أعرف مالكه فالوجه القطع بأن القاضي يتولى حفظه ويجاب بحمل هذا على ما إذا قاله لا في جواب دعوى وحينئذ يفرق بأن هنا قرينة تؤيد اليد وهي ظهور قصد الصرف بذلك عن المخاصمة فلم يقو هذا الإقرار على انتزاعها من يده بخلافه ثم فإنه لا قرينة تؤيد يده فعمل بإقراره ( بل يحلفه المدعي ) لا على أنها لنحو ابنه بل على ( أنه لا يلزمه التسليم ) للعين رجاء أن يقر أو ينكل فيحلف المدعي وتثبت له العين في الأوليين في المتن والبدل للحيلولة في البقية وله تحليفه كذلك ( إن ) كان للمدعي بينة أو ( لم تكن ) له ( بينة ) كما سيعلم من كلامه الآتي وفيما إذا كان له بينة وأقامها يقضي له بها كذا أطلقوه وسيأتي فيه تفصيل عن البغوي ونازع البلقيني في هذه الصور وأطال بما ليس هذا محل بسطه مع الجواب عنه .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : [ ص: 307 ] وهو ناظر عليه ) لعل التقييد به لقوله فالأصح أنه لا تنصرف الخصومة عنه فإذا كان الناظر عليه غيره انصرفت الخصومة إليه أخذا من قوله الآتي بل تنصرف لوليه والضمير في عليه للوقف لا لمسجد كذا فليتأمل . ( قوله : لا على أنها لنحو ابنه ) قال في الروض وإن ادعاها أي : المدعى عليه بعد لنفسه سمعت أي : دعواه ا هـ وهو المعتمد . ( قوله : والبدل للحيلولة في البقية ) كذا في شرح المنهج وكتب شيخنا الشهاب البرلسي بخطه بهامشه ما نصه فيه بحث وذلك ؛ لأن التفريع على عدم انصراف الخصومة حينئذ فاليمين المردودة تفيده لانتزاع العين في المسائل كلها نعم إذا قلنا بانصراف الخصومة في مسألة المحجور والوقف والمسجد كما ذهب إليه الغزالي وأبو الفرج وكذا في الأوليين على وجه كان له التحليف لتغريم البدل فما قاله الشارح يعني صاحب شرح المنهج هنا وهم منشؤه انتقال النظر من حالة إلى حالة ا هـ . ولم يزد في شرح الروض على قوله بعد المسائل كلها ويحلف المدعى عليه أنه لا يلزمه تسليمها إليه رجاء أن يقر وينكل فيحلف المدعي ويثبت له ا هـ وهو ظاهر فيما قاله شيخنا .

                                                                                                                              ( قوله : وسيأتي فيه تفصيل عن البغوي ) إن أراد ما يأتي قريبا بقوله وفي فتاوى البغوي إن [ ص: 308 ] أقامها إلخ فيمكن الفرق



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قول المتن أو لابني الطفل ) أي بخلاف نحو الطفل الفلاني وله ولي غيره لما سيأتي ، وحينئذ فمعنى قولهم : لا تمكن مخاصمته أي : ولو بوليه فمتى أمكنت مخاصمته بنفسه أو بوليه انصرفت الخصومة عنه على ما سيأتي رشيدي عبارة الحلبي أي ولا بينة له وإلا فتسمع الدعوى على المحجور حينئذ ا هـ . ( قوله وهو ناظر عليه ) أي الوقف فإن كان ناظره غيره انصرفت الخصومة إليه ، كما ذكره الشهاب الرملي رشيدي . وكذا في سم إلا قوله كما ذكره إلخ ( قوله وما صدر عنه ليس بمزيل ) ومن ثم لو ادعى لنفسه بعد سمع رشيدي ومغني وعبارة سم ، قال في الروض : وإن ادعاها أي المدعى عليه بعد لنفسه سمعت أي : دعواه ا هـ . وهو المعتمد ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وقد ينافيه ) أي قولهم وما صدر عنه ليس بمزيل ( قوله بحمل هذا ) أي قول الجويني ( قوله في الأوليين ) أي فيما ليس هي له وهي لرجل لا أعرفه . ( قوله والبدل للحيلولة في البقية ) هو تابع في هذا كالشهاب ابن حجر أي : والمغني لما في شرح المنهج وقد قال الشهاب البرلسي إنه وهم وانتقال نظر ا هـ . والذي في شرح الروض أنه إذا حلف المدعي يمين الرد في هذه الصور ثبتت العين نبه عليه ابن قاسم رشيدي عبارة سم : كتب شيخنا الشهاب البرلسي بهامش شرح المنهج ما نصه : فيه بحث وذلك ؛ لأن التفريع على عدم انصراف الخصومة ، وحينئذ فاليمين المردودة مفيدة لانتزاع العين في المسائل كلها ، نعم إن قلنا بانصراف الخصومة في مسألة المحجور والوقف على الفقراء أو المسجد كما ذهب إليه الغزالي وأبو الفرج كان له الحلف لتغريم البدل ، فما قاله الشارح يعني شيخ الإسلام هنا وهم منشؤه انتقال النظر من حالة إلى حالة ا هـ . ولم يزد في شرح الروض على قوله بعد المسائل كلها ، ويحلف المدعى عليه أنه لا يلزمه تسليمها إليه رجاء أن يقرأ وينكل فيحلف المدعي وتثبت له ا هـ . وهو ظاهر فيما قاله شيخنا ا هـ . وأقول : وعبارة الأنوار أيضا ظاهرة فيما قاله الشهاب البرلسي .

                                                                                                                              ( قوله إن كان للمدعي بينة ) ولم يقمها رشيدي ( قوله وسيأتي فيه تفصيل عن البغوي ) حاصل التفصيل أنه إذا كان الإقرار بعد إقامة البينة وقبل الحكم بها للمدعي ، حكم له بها من غير إعادة البينة في وجه المقر له إن علم أن المقر متعنت في إقراره ، وإلا فلا بد من إعادتها لكن فرض تفصيل البغوي فيما إذا أقر بها لمن تمكن مخاصمته ، ولذا قال ابن قاسم : ويمكن الفرق انتهى ، بل التفصيل غير متأت هنا ، إذ لا يصح إقامة البينة في وجه المقر له هنا فتأمل رشيدي




                                                                                                                              الخدمات العلمية