الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وإن كانوا ) أي : المعتقون معا ( فوق ثلاثة ) لا يملك غيرهم ( وأمكن توزيعهم بالعدد ، والقيمة ) في جميع الأجزاء ( كستة قيمتهم سواء ) .

                                                                                                                              ومثلهم ستة قيمة ثلاثة مائة مائة وثلاثة خمسون خمسون فيضم كل خسيس لنفيس ( جعلوا اثنين اثنين ) أي : جعل كل اثنين جزءا وفعل كما مر في الثلاثة المستوين في القيمة ( أو ) أمكن توزيعهم ( بالقيمة دون العدد ) في كل الأجزاء كخمسة قيمة أحدهم مائة واثنين مائة واثنين مائة جعل الواحد جزءا ، والاثنان جزءا ، والاثنان جزءا ثالثا ، أو في بعضها ( كستة قيمة أحدهم مائة وقيمة اثنين مائة و ) قيمة ( ثلاثة مائة جعل الأول جزءا ، والثلاثة جزءا ) وأقرع كما سبق [ ص: 372 ] وفي عتق الاثنين إن خرج وافق ثلث العدد ثلث القيمة فقوله : دون العدد صادق ببعض الأجزاء في مقابلته للمثبت قبله في جميع الأجزاء فلا اعتراض على المتن ، ولا مخالفة بينه وبين ما في الروضة وأصلها من جعل الستة المذكورة مثالا للاستواء في العدد دون القيمة ؛ نظرا إلى أن القيمة مختلفة فلا يمكن التوزيع بها في الكل ، بخلاف العدد فإنه يمكن الاستواء فيه ، وإن كان للنظر إلى القيمة في ذلك دخل ، ومن ثم قال الشارح المحقق : لا يتأتى التوزيع بالعدد دون القيمة أي : مع قطع النظر عنها أصلا وأجاب شيخنا عن هذا التناقض بين المتن وأصله ، والروضة وأصلها بأن مثال الستة المذكور صالح لإمكان التوزيع بالقيمة دون العدد ؛ نظرا إلى عدم تأتي توزيعها بالعدد مع القيمة [ ص: 373 ] ولعكسه ؛ نظرا إلى عدم تأتي توزيعها بالقيمة مع العدد وهو يرجع لما قدمناه ؛ إذ عدم التأتي في كل من الأمرين إنما هو بالنظر لما مر فتأمله . ولك أن تقول : لا منافاة بينهما من وجه آخر ، وهو أن المتن وأصله عبرا بالتوزيع ، والروضة وأصلها إنما عبرا بالتسوية ، وبين التوزيع ، والتسوية فرق واضح لصدقها في الستة المذكورة ولو مع قطع النظر عن القيمة ، بخلافه فصح جعل الروضة وأصلها لها مثالا لما ذكراه وجعل المتن وأصله لها مثالا لما ذكراه فتأمله أيضا ليتضح لك أن قول الشارح : لا يتأتى التوزيع بالعدد دون القيمة لا ينافي قول الروضة وأصلها : وإن أمكن التسوية بالعدد دون القيمة كستة إلى آخره

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : في كل الأجزاء ) أي : لم يمكن التوزيع بالعدد مع القيمة في شيء من الأجزاء بمعنى أنه لم يتوافق ثلث العدد مع ثلث القيمة في شيء من الأجزاء كما في المثال الذي ذكره فإنه ليس شيء من الأجزاء فيه بحيث يكون ثلث العدد وقيمته ثلث القيمة . ( قوله : أو في بعضها ) أي : لم يمكن التوزيع بالعدد مع القيمة في بعض الأجزاء وأمكن في بعض بمعنى أن بعض [ ص: 372 ] الأجزاء لم يكن ثلث العدد وقيمة ثلث القيمة وبعضها كان كذلك كما في مثال المصنف فإن جزء الاثنين ثلث العدد وقيمته ثلث القيمة وجزء الواحد ، أو الثلاثة ليس ثلث العدد ، وإن كانت قيمته ثلث القيمة . ( قوله : ببعض الأجزاء ) فحاصل المراد به دون العدد في جميع الأجزاء بمعنى سلب العموم بخلاف قول الشارح في كل الأجزاء فإنه أراد به عموم السلب . ( قوله أيضا : ببعض الأجزاء ) أي : بنفي التوزيع بالعدد مع القيمة بالنسبة لبعض الأجزاء .

                                                                                                                              ( قوله : قال الشارح المحقق لا يتأتى التوزيع إلخ ) أقول : الذي يظهر في تحقيق ذلك أن المراد بالتوزيع في هذا المقام قسمتها أثلاثا ومن لازم ذلك تساوي الأقسام في القيمة وإلا فليست أثلاثا كما هو معلوم وحينئذ فتارة يتساوى الأقسام أيضا في العدد كما في قوله : كستة قيمتهم سواء وتارة لا كما في قوله : كستة قيمة أحدهم إلخ فعلم أن التقسيم بالعدد دون القيمة بأن يتساوى الأقسام في العدد وتتفاوت في القيمة ليس من التوزيع في شيء ؛ إذ من المحال تفاوت الأثلاث في المقدار ومع التفاوت في القيمة تتفاوت الأقسام في المقدار فاتضح قول المحقق : لا يتأتى التوزيع بالعدد دون القيمة وأن قول الشارح : بخلاف العدد فإنه يمكن الاستواء فيه ، فإن أراد فيه مطلق الاستواء بمعنى الانقسام بمجرد العدد فلا وجه لقوله : وإن كان إلخ ؛ إذ الانقسام بمجرد العدد لا مدخل للقيمة فيه ، وإن أراد فيه بالاستواء التوزيع بالمعنى المراد هنا فهذا لا يتصور إلا باعتبار القيمة ولا دخل فيه إلا للقيمة فلا يكفي قوله : وإن كان إلخ وليس هذا مراد الروضة وأصلها كما لا يخفى فتدبر . ثم رأيت قوله الآتي : ولك أن تقول إلخ وهو موافق لما حققناه ومصرح بأن مراده مما قبله خلاف ذلك ولا يخفى أنه لا استقامة له ؛ إذ لا يستقيم ما ذكروه إلا بالمعنى الذي حققناه كما هو جلي للمتأمل سم .

                                                                                                                              ( قوله : لا يتأتى التوزيع بالعدد ) أي : والتوزيع بالعدد دون القيمة غير الاستواء في العدد دون القيمة كما علم مما حققناه في الحاشية الأخرى فلا منافاة بين قول الشارح المحقق المذكور وجعل الروضة وأصلها الستة المذكورة مثالا لما ذكر . ( قوله : بالعدد مع القيمة ) أي : فلو قسمنا القيمة ثلاثة أقسام متساوية لم يمكن [ ص: 373 ] أن يوافقها العدد في انقسامه ثلاثة أجزاء متساوية بحيث يكون كل جزء منه مقوما بثلث القيمة . ( قوله : بالقيمة مع العدد إلخ ) أي : لو قسم العدد ثلاثة أقسام أي : متساوية بحيث يكون كل قسم منها قيمة قسم من العدد



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : معا ) سيذكر محترزه . ( قول المتن : وأمكن توزيعهم بالعدد والقيمة ) أي : بأن يكون العدد له ثلث صحيح والقيمة لها ثلث صحيح م ر . ا هـ . بجيرمي . ( قوله : في جميع الأجزاء ) إلى قول المتن : ولا يرجع الوارث في النهاية ( قوله : في جميع الأجزاء ) أي الثلاثة مغني . ( قوله : فيضم إلخ ) أي : في المثال الذي زاده رشيدي . ( قوله : في كل الأجزاء ) أي : لم يمكن التوزيع بالعدد مع القيمة في شيء من الأجزاء بمعنى أنه لم يوافق ثلث العدد مع ثلث القيمة في شيء من الأجزاء كما في المثال الذي ذكره فإنه ليس شيء من الأجزاء فيه بحيث يكون ثلث العدد وقيمته ثلث القيمة . ا هـ . سم أي : بخلاف مثال المصنف فإن الاثنان فيه ثلث العدد وقيمته ثلث القيمة . ( قوله : والاثنان جزءا ) أي : ثانيا . ( قوله : أو في بعضها ) أي : لم يمكن التوزيع بالعدد مع القيمة في بعض الأجزاء وأمكن في بعض بمعنى أن بعض الأجزاء لم يكن ثلث العدد وقيمته ثلث القيمة وبعضها كان كذلك فإن جزء الاثنين ثلث العدد وقيمته ثلث القيمة وجزء الواحد ، أو الثلاثة ليس ثلث العدد ، وإن كانت قيمته ثلث القيمة سم . ( قول المتن : وثلاثة مائة ) كذا في المغني والنهاية بتاء وفي أصل الشرح [ ص: 372 ] وثلاث بلا تاء سيد عمر . ( قوله : إن خرج ) أي : العتق لهما ع ش ورشيدي ( قوله : فقوله : دون العدد صادق إلخ ) فحاصل المراد بدون العدد دون العدد في جميع الأجزاء يعني سلب العموم بخلاف قول الشارح في كل الأجزاء فإنه أراد به عموم السلب فقوله : ببعض الأجزاء أي : بنفي التوزيع بالعدد مع القيمة بالنسبة لبعض الأجزاء سم أي : مع إمكانه بالنسبة إلى بعض منها .

                                                                                                                              ( قوله : في جميع الأجزاء ) متعلق بالمثبت إلخ . ( قوله : على المتن ) أي في جعله الستة المذكورة مثالا لإمكان التوزيع بالقيمة دون العدد . ( قوله : مثالا للاستواء في العدد دون القيمة ) أي وهو عكس ما في المتن . ( قوله : في الكل ) أي : بل في البعض . ( قوله : ومن ثم قال الشارح إلخ ) أقول : الذي يظهر في تحقيق ذلك أن المراد بالتوزيع في هذا المقام قسمتها أثلاثا ومن لازم ذلك تساوي الأقسام في القيمة وإلا فليست أثلاثا كما هو معلوم وحينئذ فتارة تتساوى الأقسام أيضا في العدد كما في قوله : كستة قيمتهم سواء وتارة لا كما في قوله : كستة قيمة أحدهم إلخ فعلم أن التقسيم بالعدد دون القيمة بأن تتساوى الأقسام في العدد وتتفاوت في القيمة ليس من التوزيع في شيء ؛ إذ من المحال تفاوت الأثلاث في المقدار ومع التفاوت في القيمة تتفاوت الأقسام في المقدار فاتضح قول المحقق : لا يتأتى التوزيع بالعدد دون القيمة وأن قول الشارح بخلاف العدد فإنه يمكن الاستواء فيه إن أراد فيه مطلق الاستواء بمعنى الانقسام بمجرد العدد فلا وجه لقوله : وإن كان إلخ ؛ إذ الانقسام بمجرد العدد لا مدخل للقيمة فيه ، وإن أراد فيه بالاستواء التوزيع بالمعنى المراد هنا فهذا لا يتصور إلا باعتبار القيمة ، ولا دخل فيه إلا للقيمة فلا يكفي قوله : وإن كان إلخ وليس هذا مراد الروضة وأصلها كما لا يخفى فتدبر ثم رأيت قوله : ولك أن تقول : إلخ وهو موافق لما حققناه ومصرح بأن مراده مما قبله خلاف ذلك ولا يخفى أنه لا استقامة له ؛ إذ لا يستقيم ما ذكروه إلا بالمعنى الذي حققناه كما هو جلي للمتأمل سم . ( قوله : وأجاب شيخنا إلخ ) أي : في شرح المنهج . ( قوله : عن هذا التناقض ) أي : بحسب الظاهر رشيدي .

                                                                                                                              ( قوله : والروضة وأصلها ) أي : وبين الروضة إلخ . ( قوله : بالعدد مع القيمة ) أي : فلو قسمنا القيمة ثلاثة أقسام متساوية لم يمكن أن يوافقها العدد في انقسامه ثلاثة أجزاء متساوية بحيث يكون كل جزء منه مقوما [ ص: 373 ] بثلث القيمة سم . ( قوله : ولعكسه نظرا إلخ ) فيه نظر فإن العكس أن يمكن توزيعهم بالعدد دون القيمة وهذا ليس مرادا هنا ؛ لأنه يلزم من التوزيع بالعدد اختلاف القيمة مع أنه لا بد من الاستواء فيها وهذا التأويل بعيد جدا على أنه لا فائدة لذكره ؛ لأنه لا يعتبر ، ثم رأيت في سم على حج ما نصه أقول : الذي يظهر في تحقيق ذلك إلخ بجيرمي ( قوله : بالقيمة مع العدد ) أي ولو قسم العدد ثلاثة أقسام متساوية لم يمكن قسمة القيمة ثلاثة أقسام متساوية بحيث يكون كل قسم منها قيمة قسم من العدد سم . ( قوله : بخلافه ) أي التوزيع . ( قوله : فصح جعل الروضة وأصلها لها مثالا إلخ ) فيه ما مر عن البجيرمي و سم من أنه لا فائدة لذكرهما لها هنا ؛ لأن الحكم المعتبر هنا إنما هو التوزيع باعتبار القيمة .




                                                                                                                              الخدمات العلمية