الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولو قتل ) المكاتب ( أجنبيا ، أو قطعه ) عمدا وجب القود ، فإن اختار العفو ( فعفا على مال ، أو كان ) ما فعله ( خطأ ) ، أو شبه عمد ( أخذ مما معه ومما سيكسبه ) إلى حين عتقه وكان وجه ذكره لهذا هنا دون جنايته على السيد أن السيد لما ملك تعجيزه عند العجز بنفسه من غير مراجعة قاض لم يكلف وارثه الصبر لأكسابه المستقبلة ، بخلاف الأجنبي فإنه لو لم يتعلق بها لضاع حقه ، أو احتاج إلى كلفة الرفع للقاضي ( الأقل من قيمته ، والأرش ) ؛ لأنه يملك تعجيز نفسه [ ص: 413 ] فلا يبقى للأرش تعلق سوى رقبته فلزمه الأقل من قيمتها ، والأرش وفارق ما مر في جنايته على سيده بأن حق السيد يتعلق بذمته دون رقبته ؛ لأنها ملكه فلزمه كل الأرش بما في يده كدين المعاملة ، بخلاف جنايته على الأجنبي إنما تتعلق برقبته فقط كما تقرر ( فإن لم يكن معه شيء ) قدر الواجب ( وسأل المستحق ) ، وهو المجني عليه ، أو وارثه ( تعجيزه عجزه القاضي ) قال القاضي ، أو السيد : وبحث ابن الرفعة أخذا من كلام التنبيه ، ومن أن بيع المرهون في الجناية لا يحتاج إلى فك الرهن أنه لا يحتاج هنا لتعجيز بل يتبين بالبيع انفساخ الكتابة . ا هـ . ويوجه إطلاقهم بأن قضية الاحتياط للعتق التوقف على التعجيز ، والفرق بينه وبين الرهن وإنما يعجزه فيما يحتاج لبيعه في الأرش فقط إلا أن لا يتأتى بيع بعضه على الأوجه ( وبيع ) منه ( بقدر الأرش ) فقط إن زادت قيمته عليه ؛ لأنه الواجب ( فإن بقي منه شيء بقيت فيه الكتابة ) فإذا أدى حصته من النجوم عتق ، ولا سراية ( وللسيد فداؤه ) بأقل الأمرين ويلزم المستحق القبول لتشوف الشارع للعتق ( وإبقاؤه مكاتبا ولو أعتقه بعد الجناية ، أو أبرأه ) عن النجوم ( عتق ) إن كان السيد موسرا في مسألة الإعتاق أخذا من كلامهم في إعتاق المتعلق برقبته مال ( ولزمه الفداء ) بالأقل ؛ لأنه فوت رقبته ، بخلاف ما لو عتق بالأداء بعد الجناية

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : وكان وجه ذكره إلخ ) يتأمل . ( قوله : الأقل من قيمته والأرش ) قال في الروض : لا أكثر أي : من قيمته بأن زاد الأرش عليها فلا يطالب به ولا يفدي نفسه به [ ص: 413 ] إلا بالإذن أي : من سيده كتبرعه . ا هـ . ( قوله : بقيت فيه الكتابة ) قال في شرح الروض : وقضية بقاء الكتابة في الباقي أنه لا يعجز الجميع فيما إذا احتيج إلى بيع بعضه خاصة ، لكن قضية صدر كلامهم أن له أن يعجز الجميع ويوجه بأنه تعجيز مراعى حتى لو عجزه ، ثم أبرئ عن الأرش بقي كله مكاتبا . ا هـ . وقول الشارح السابق : وإنما يعجزه إلخ يوافق القضية الأولى . ( قوله : لتشوف الشارع إلخ ) قضيته أنه لا يلزمه القبول في غير المكاتب وفيه نظر ( قوله أيضا : لتشوف الشارع إلخ ) أخرج مسألة الإبراء فراجعه . ( قوله : ولو أعتقه بعد الجناية ) أي ، أو قتله كما في الروض وقوله : لزمه الفداء أي : له قال في الروض : وفدى من يعتق بعتقه إن جنى قال في شرحه : بعد تكاتبه عليه وأعتق عليه وأعتق هو المكاتب ، أو أبرأه من النجوم لا إن قتله ، وإن اقتضى كلامه خلافه . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بخلاف ما لو عتق بالأداء بعد الجناية ) أي : فلا يلزم السيد فداؤه ويفدي نفسه بالأقل وإنما لم يلزم السيد فداؤه ، وإن كان هو القابض للنجوم قال في شرح الروض : لأنه مجبر على قبولها فالحوالة على المكاتب أولى . ا هـ .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : فإن اختار العفو فعفا إلخ ) كذا في أصل الشارح رحمه الله تعالى ومقتضاه أنه أي : عفا مبني للفاعل ولكن في المغني فعفي بضم العين بخطه أي : عفا المستحق انتهى . ومقتضاه أنه مبني للمفعول والتعويل عليه أولى في تصحيح المتن فإنه صرح بأن عنده نسخة بخط المصنف سيد عمر ( قوله : وكان وجه ذكره إلخ ) يتأمل سم عبارة المغني وقوله : ومما سيكسبه ليس هو في الروضة ولم يذكره المصنف في جنايته على سيده قال ابن شهبة : يحتاج إلى الفرق بينهما على ما في الكتاب انتهى . والظاهر أنه لا فرق لكنه سكت عنه هناك وصرح به هنا والمراد بما سيكسبه ما بقيت كتابته . ا هـ . ( قوله : لضاع حقه ) لعله فيما إذا لم يكن في يد المكاتب شيء ، أو كان ولم يف بالأرش ، أو وفى به ولم يقتدر المستحق على إثباته وقوله : أو احتاج إلخ فيما إذا كان في يد المكاتب ما يفي بالأرش واقتدر المستحق على إثباته . ( قول المتن : الأقل من قيمته والأرش ) في إطلاق الأرش على دية النفس تغليب فلا يطالب بأكثر مما ذكر ، ولا يفدي به نفسه إلا بإذن سيده ويفدي نفسه بالأقل بلا إذن ويستثنى من إطلاقه ما لو أعتقه السيد [ ص: 413 ] بعد الجناية وفي يده وفاء فالمنصوص الذي قطع به الجمهور له الأرش بالغا ما بلغ مغني .

                                                                                                                              ( قوله : فلا يبقى للأرش إلخ ) أي : وإذا عجزها فلا يبقى إلخ . ( قوله : ما مر في جنايته على سيده ) أي : حيث وجبت فيها الدية بالغة ما بلغت ع ش . ( قوله : قدر الواجب ) عبارة المغني ، أو كان ولم يف بالواجب . ا هـ . ( قول المتن : وسأل المستحق ) أي : للأرش القاضي مغني وقوله : عجزه أي : وجوبا ع ش وقوله : القاضي أي : المسئول مغني . ( قوله : قال القاضي أو السيد إلخ ) عبارة النهاية ، أو السيد كما قاله القاضي وما بحثه ابن الرفعة إلخ يرد بأن الأوجه الأخذ بإطلاقهم ويوجه بأن قضية الاحتياط إلخ . ( قوله : أو السيد ) أي فإن امتنعا من ذلك أثما وبقي الحق بذمة المكاتب وظاهره أيضا جريان ذلك ولو بعد المجني عليه عنهما ع ش ( قوله : وبحث ابن الرفعة إلخ ) أقره شرح المنهج وقال المغني : وينبغي اعتماده . ا هـ . ( قوله : والفرق ) معطوف على التوقف رشيدي وقوله : بينه وبين الرهن أي : بما تقدم من أن العتق يحتاط له بخلاف الرهن ع ش . ( قوله : على الأوجه ) وفاقا للنهاية والمغني عبارة الثاني ومقتضى كلام المصنف أنه يعجز جميعه ، ثم يبيع منه بقدر الأرش قال الزركشي : والذي يفهمه كلامه أنه يعجز البعض ولهذا حكموا ببقاء الباقي على كتابته ولو كان يعجز الجميع لم يأت ذلك لانفساخ الكتابة في جميعه فيحتاج إلى تجديد عقد ويحتمل خلافه ويغتفر عدم التجديد للضرورة انتهى . وما أفهمه كلامه هو الظاهر وهذا إذا كان يتأتى بيع بعضه فإن لم يتأت لعدم راغب قال الزركشي : فالقياس بيع الجميع للضرورة وما فضل يأخذه السيد . ا هـ . وفي ع ش عن سم على المنهج وفيه أي : في قول الزركشي وما فضل يأخذه السيد نظر . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إن زادت إلخ ) أي : وإلا فكله مغني ( قول المتن : بقيت فيه الكتابة ) قال في شرح الروض : وقضية بقاء الكتابة في الباقي أنه لا يعجز الجميع فيما إذا احتيج إلى بيع ببعضه خاصة ، لكن قضية صدر كلامهم أن له أن يعجز الجميع ويوجه بأنه تعجيز مراعى حتى لو عجزه ثم أبرأ عن الأرش بقي كله مكاتبا انتهى . وقول الشرح السابق وإنما يعجزه إلخ يوافق القضية الأولى سم . ( قوله : ولا سراية ) أي : على سيده مغني ( قوله : بأقل الأمرين ) من قيمته والأرش مغني . ( قوله : لتشوف الشارع إلخ ) قضيته أنه لو كان غير مكاتب وفداه السيد أنه لا يلزمه القبول فليراجع رشيدي عبارة سم قضيته أنه لا يلزمه القبول في غير المكاتب وفيه نظر . ا هـ . ( قول المتن : ولو أعتقه إلخ ) أي أو قتله روض ومغني وقوله : أو أبرأه أي : بعد الجناية مغني .

                                                                                                                              ( قوله : في مسألة الإعتاق ) أخرج مسألة الإبراء فراجعه سم أقول : قضية التعليل الآتي عدم الفرق . ( قول المتن : ولزمه الفداء ) أي : له قال في الروض : وفداء من يعتق بعتقه إن جنى قال في شرحه بعد تكاتبه عليه : وأعتق هو المكاتب أو أبرأه من النجوم لا إن قتله ، وإن اقتضى كلامه خلافه انتهى . ا هـ . سم . ( قوله : بخلاف ما لو عتق بالأداء إلخ ) أي : فلا يلزم السيد فداؤه ولو جنى جنايات وعتق بالأداء فدى نفسه أو أعتقه السيد تبرعا لزمه فداؤه مغني .




                                                                                                                              الخدمات العلمية