الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء طهورا .

[48] وهو الذي أرسل الرياح قرأ ابن كثير : (الريح) على الإفراد، وقرأ الباقون: (الرياح) على الجمع بشرا ناشرات للسحاب، جمع نشور. قرأ ابن عامر : بالنون وضمها وإسكان الشين على التخفيف، وقرأ حمزة ، والكسائي ، وخلف : بالنون وفتحها وإسكان الشين على أنه مصدر وصف به، وقرأ عاصم : بالباء الموحدة وضمها وإسكان الشين تخفيف بشر جمع بشور بمعنى مبشر، وقرأ الباقون: بالنون وضمها وضم الشين على المعنى الأول .

بين يدي رحمته أي: قدام المطر.

وأنزلنا من السماء ماء طهورا والطهور: هو الباقي على أصل خلقته من ماء المطر والبحر والعيون والآبار، على أي صفة كان; من عذوبة وملوحة، وحرارة وبرودة وغيرها.

وما تغير بمكثه، أو بطاهر لا يمكن صونه عنه; كالتراب والطحلب [ ص: 31 ] وورق الشجر ونحوها، فهو طاهر [في نفسه، مطهر لغيره، يرفع الأحداث، ويزيل الأنجاس بالاتفاق، فإن تغير عن أصل خلقته بطاهر] يغلب على أجزائه مما يستغني عنه الماء غالبا، لم يجز التطهير به عند الثلاثة، وجوز أبو حنيفة الوضوء بالماء المتغير بالزعفران ونحوه من الطاهرات، ما لم تزل رقته، وقال أيضا: بجواز إزالة النجاسة بالمائعات الطاهرة; كالخل وماء الورد ونحوهما، وخالفه الثلاثة، ومحمد بن الحسن ، وزفر، واتفقوا على أنه إذا تغير الماء بالنجاسة، نجس، قل أو كثر، والماء المستعمل: وهو ما أزيل به حدث، لا يطهر الأحداث عند الثلاثة، وقال مالك : يجوز الوضوء بماء توضيء به مرة مع الكراهة، وإذا بلغ الماء قلتين، وخالطته نجاسة، فقال الشافعي وأحمد : لا ينجس إلا أن يتغير طعمه أو لونه أو ريحه، وقال أبو حنيفة : ينجس الماء بملاقاة النجاسة ما لم يكن عشرة أذرع في مثلها، وقال مالك : لا ينجس الماء بوقوع النجاسة فيه ولو كان قليلا ما لم يتغير أحد أوصافه الثلاثة، وهو رواية عن أحمد ، وقدر القلتين خمس مئة رطل عراقي تقريبا، وأربع مئة وستة وأربعون رطلا وثلاثة أسباع رطل مصري، ومئة وسبعة أرطال وسبع رطل دمشقي، وتسعة وثمانون رطلا وسبعا رطل حلبي، وثمانون رطلا وسبعا رطل ونصف سبع رطل قدسي، ومساحتهما مربعا ذراع وربع طولا وعرضا وعمقا ومدورا، وذراع طولا وذراعان ونصف ذراع عمقا، والمراد: ذراع اليد، والرطل مئة درهم وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم، وهو سبع القدسي وثمن [ ص: 32 ] سبعه، وسبع الحلبي وربع سبعه، وسبع الدمشقي ونصف سبعه، ونصف المصري وربعه وسبعه وتسعون مثقالا.

* * *

التالي السابق


الخدمات العلمية