الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 415 ] فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي أكل خمط وأثل وشيء من سدر قليل .

[16] وبعث إليهم ثلاثة عشر نبيا، فذكروهم نعم الله، وخوفوهم عقابه فأعرضوا وقالوا: ما نعرف لله علينا نعمة، فقولوا لربكم أن يحبس عنا هذه النعمة إن استطاع.

فأرسلنا عليهم أي: على سدهم، وهو سد بنته بلقيس بين الجبلين، فحقنت به الشجر، وتركت فيه ثقبا على مقدار ما يحتاجون إليه من الماء سيل العرم وهو السيل الذي لا يطاق، وأصله من العرامة، وهي الشدة والقوة، فخرب السد، وملأ ما بين الجبلين، وحمل الجنات وكثيرا من الناس ممن لم يمكنه الفرار، وأغرق أموالهم، فتفرقوا في البلاد، فصاروا مثلا، وكان ذلك بين عيسى ومحمد عليهما السلام.

وبدلناهم بجنتيهم المذكورتين جنتين ذواتي أكل ثمر خمط وهو شجر الأراك وثمره، وقيل: هو كل شجر مر الثمر. قرأ يعقوب : (بجنتيهم) بضم الهاء، وابن كثير وأبو جعفر : يضمان الميم ويصلانها بواو في اللفظ وصلا، واختلف عن قالون ، وقرأ أبو عمرو ويعقوب (أكل) بالإضافة من غير تنوين، وقرأ الباقون: بالتنوين، ومنهم نافع وابن كثير يسكنان الكاف، والباقون: يضمونها وأثل هو الطرفاء، ولا ثمر له، أو شجر يشبه الطرفاء، عطف على (أكل). [ ص: 416 ]

(و) كذلك (شيء من سدر قليل) شجر معروف، وهو النبق، ووصف بالقلة; فإن جناه مما يطيب أكله، ولذلك يغرس في البساتين، وما بدلوا من السدر لم يكن من ذاك، بل كان سدرا بريا لا ينتفع به، فكان شجرهم من خير الشجر، فصيره الله من شر الشجر، وتسمية البدل جنتين للمشاكلة والتهكم.

التالي السابق


الخدمات العلمية