الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما .

[73] ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات بما خانوا الأمانة، ونقضوا الميثاق، واللام تعليل. [ ص: 396 ]

ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات يهديهم ويرحمهم بما أدوا من الأمانة، ونصبه عطف على (ليعذب)، واللام في قوله (ليعذب) متعلقة بحمل; أي: حملها; ليعذب العاصي، ويثيب المطيع.

وكان الله غفورا رحيما حيث تاب على فرطاتهم، وأثاب بالفوز على طاعاتهم.

وقد تقدم في تفسير هذه السورة أن من خصائص رسول الله وجوب تخيير نسائه بين فراقه والإقامة معه، وأن يتزوج بأي عدد شاء، وأن يتزوج بلا ولي ولا شهود، وإذا خطب امرأة يحرم على غيره خطبتها حتى يتركها، وله خصائص غير ذلك، منها: أن له أن يتزوج في زمن الإحرام، وكان واجبا عليه السواك والأضحية والوتر، ووجب عليه قيام الليل ولم ينسخ، وفرض عليه إنكار المنكر إذا رآه على كل حال.

ومنع من الرمز بالعين، والإشارة بها، وإذا لبس لأمة الحرب أن ينزعها حتى يلقى العدو، ومنع أيضا من الشعر والخط وتعليمهما، ومنع من نكاح الكتابية كالأمة مطلقا، ومنع من الأخذ من صدقة التطوع.

وأبيح له الوصال في الصيام، وهو ألا يفطر بين يومين فأكثر، وأبيح له خمس خمس الغنيمة وإن لم يحضره، وأبيح له الصفا من المغنم، وهو ما كان يختاره قبل القسمة; كجارية وعبد وثوب وسيف ونحوه، ودخول مكة محلا ساعة، وإذا ادعي عليه أو ادعى هو فقوله بلا يمين، وجعلت تركته صدقة، وله أخذ الماء من العطشان، ويلزم كل أحد أن يقيه بنفسه وماله، فله طلب ذلك، وحرم على غيره نكاح زوجاته فقط، وتقدم في [ ص: 397 ] التفسير، وهن أزواجه في الدنيا والآخرة، وهن أمهات المؤمنين بمعنى: في حكم الأمهات في تحريم النكاح، وتقدم في التفسير، والنجس منا طاهر منه، ولم يكن له فيء في شمس ولا قمر، لأنه يوارى، والظل نوع ظلمة، وكانت تجتذب الأرض أثقاله، وساوى الأنبياء في معجزاتهم، وانفرد بالقرآن والغنائم، وجعلت له الأرض مسجدا وترابها طهورا، ونصر بالرعب مسيرة شهر، وبعث إلى الناس كافة، وكل نبي إلى قومه، ومعجزاته باقية إلى يوم القيامة، وانقطعت معجزات الأنبياء بموتهم، وتنام عينه ولا ينام قلبه، فلا ينقض وضوءه بنومه مضطجعا، ويرى من خلفه كما يرى أمامه، قال الإمام أحمد وجمهور العلماء: هذه الرؤية رؤية بالعين حقيقة، والدفن في البنيان مختص به، قالت عائشة: لئلا يتخذ قبره مسجدا ، وقال جماعة: لوجهين: أحدهما: قوله: تدفن الأنبياء حيث يموتون رواه الإمام أحمد ، والثاني: لئلا تمسه أيدي المنافقين، وزيارة قبره - صلى الله عليه وسلم - مستحبة للرجال والنساء، ومنها: أن الله تعالى خاطب جميع الأنبياء بأسمائهم، فقال: (يا آدم) (يا نوح) (يا إبراهيم) (يا داود) (يا زكريا) (يا يحيى)، ولم يخاطب هو إلا (يا أيها الرسول) (يا أيها النبي) (يا أيها المزمل) (يا أيها المدثر)، وتقدم في التفسير، قال الإمام أحمد رضي الله عنه: خص النبي - صلى الله عليه وسلم - بواجبات ومحظورات ومباحات وكرامات، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية