الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
11862 5398 - (12271) - (3\126) عن قتادة، حدثنا أنس بن مالك: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه، حتى إنه ليسمع قرع نعالهم، أتاه ملكان، فيقعدانه، فيقولان له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ - لمحمد صلى الله عليه وسلم، فأما المؤمن فيقول: أشهد أنه عبد الله ورسوله، فيقال: انظر إلى مقعدك من النار، فقد أبدلك الله به مقعدا في الجنة " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فيراهما جميعا " .

قال روح في حديثه: قال قتادة: فذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا، ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون.

ثم رجع إلى حديث أنس بن مالك قال: " وأما الكافر والمنافق، فيقال له: ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول: لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس. فيقال له: لا دريت، ولا تليت، ثم يضرب بمطراق من حديد ضربة بين أذنيه، فيصيح صيحة، فيسمعها من يليه غير الثقلين " . وقال بعضهم: " يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه " .


التالي السابق


* قوله : " وتولى عنه أصحابه " : أي: انصرفوا بعد دفنه.

* " حتى إنه ليسمع " : - بكسر " إن " - ; لوجود اللام في " ليسمع " ، ف " حتى " حرف ابتداء، قالوا: بعد حتى تفتح " أن " إلا إذا كانت حرف ابتداء، وهذا بيان لقرب إتيانهما من التولي عنه; أي: وقت الوضع والتولي أتاه ملكان، حتى إنه

[ ص: 189 ] بسبب أن إتيان الملكين بمجرد الوضع والتولي ليسمع قرع نعالهم; أي: صوت نعالهم على الأرض حين التولي.

* " فيقعدانه " : من أقعده.

* " في هذا الرجل " : الإشارة إليه صلى الله عليه وسلم للاشتهار المغني عن الحضور، وقولهما: " هذا الرجل " دون هذا الرسول; لئلا يتلقن إكرامه، فيعظمه تقليدا له; لأن المقام مقام الامتحان.

* " لمحمد " : بيان من الراوي للرجل; أي: في شأن محمد.

* " فيراهما جميعا " : فيزداد فرحا إلى فرح، ويعرف نعمة الله تعالى عليه بتخليصه من النار وإدخاله الجنة، وقد جاء مثله في الكافر; ليزداد غما إلى غم، وحسرة على حسرة; بتفويت الجنة وحصول النار له.

* " يفسح " : - بالحاء المهملة - على بناء المفعول; أي: يوسع، وعدم ظهور أمثال هذا عند أعيننا لا يضر في تحققها، كما لا يضر عدم رؤية أحدنا جبريل عند النبي صلى الله عليه وسلم في حضوره عنده صلى الله عليه وسلم.

* " خضرا " : - بفتح فكسر - .

* " ولا تليت " : أصله: تلوت، بمعنى: قرأت، قلبت الواو ياء للازدواج، أو معناه: ولا تبعت أهل الحق; أي: ما كنت محققا للأمر: ولا مقلدا لأهله.

* " يليه " : أي: يقربه.

* * *




الخدمات العلمية