الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
11950 5444 - (12358) - (3\133) عن السدي، سمعت أنس بن مالك يقول: لو عاش إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم، لكان صديقا نبيا " .

التالي السابق


* قوله : " لو عاش إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم، لكان صديقا نبيا " : " يخفى أن مثل هذا لا يقال من قبل الرأي، فحكمه الرفع، وقد جاء مثله عن ابن أبي أوفى موقوفا أيضا، رواه البخاري في الآداب من " صحيحه " ، وابن ماجه في الجنائز، وقد جاء مرفوعا عن ابن عباس، رواه ابن ماجه، وفي إسناده إبراهيم بن عثمان الواسطي، وهو ضعيف.

وبالجملة: فأصل المتن صحيح، ولا بعد في معناه; لأن حاصله أن إبراهيم قد علق نبوته بعيشه، لكن قدر له أنه لا يعيش; ليكون صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وأي بعد في ذلك إذا ثبت من جهته صلى الله عليه وسلم؟! وقد عرفت ثبوته، وليس فيه أن ولد النبي يلزم أن يكون نبيا حتى يقال: إنه غير لازم، وإلا لكان كلنا أنبياء; لكوننا من أولاد آدم ونوح، وعلى هذا، فلا وجه لإنكار ابن عبد البر حديث أنس ; حيث

[ ص: 211 ] قال في " التمهيد " بعد إيراده حديث أنس : " أدري ما هذا؟ فقد كان ولد نوح غير نبي، ولو لم يلد النبي إلا نبيا، لكان كل أحد نبيا; لأنهم من ولد نوح.

وكذا لا وجه لقول النووي في " تهذيب الأسماء " : أما ما روي عن بعض المتقدمين: " لو عاش إبراهيم، لكان نبيا " ، فباطل، وجسارة على الكلام في المغيبات، ومجازفة وهجوم على عظيم الزلات، والله المستعان.

وقال الحافظ في " الإصابة " : وهو عجيب، مع وروده عن ثلاثة من الصحابة.

وفي " الفتح " : يحتمل أنه ما استحضر وروده عن الصحابة، فرده، ثم أجاب الحافظ عن اعتراض ابن عبد البر؟ بأن القضية الشرطية لا تستلزم الوقوع، وتبعه ابن حجر المكي، فقال: تأويله; أي: تأويل الحديث: أن القضية الشرطية لا تستلزم وقوع المقدم، وإنكار النووي وابن عبد البر لعدم ظهور هذا التأويل، انتهى.

ولا يخفى أن كلام المعترض في نفس الملازمة، لا في وقوع المقدم أو التالي، وكيف يخفى على عاقل انتفاء وقوع المقدم والتالي هاهنا في الخارج، وكذا من حيث دلالة اللفظ، فإن " لو " تفيد انتفاء المقدم والتالي جميعا، مع قطع النظر عن كون الشرطية مطلقا تستلزم وقوع شيء منهما أم لا، وهل عاقل يشتبه عليه هاهنا أمر وقوع المقدم، ويتوقف من جهته حتى يقال له: الشرطية لا تستلزم وقوع المقدم؟! ثم العجب من جعل ذلك تأويلا، مع أن معنى اللفظ هاهنا هو عدم الوقوع قطعا، والله تعالى أعلم.

* * *




الخدمات العلمية