الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
11991 5472 - (12399) - (3\137) عن أنس بن مالك، قال: لما نزلت هذه الآية: لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي إلى قوله: وأنتم لا تشعرون [الحجرات: 2]، وكان ثابت بن قيس بن الشماس رفيع الصوت، فقال: أنا الذي كنت أرفع صوتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، حبط عملي، أنا من أهل النار! وجلس في أهله حزينا، فتفقده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق بعض القوم إليه، فقالوا له: تفقدك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما لك؟ فقال: أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي، وأجهر بالقول، حبط عملي وأنا من أهل النار! فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبروه بما قال، فقال: " لا، بل هو من أهل الجنة " .

قال أنس: وكلنا نراه يمشي بين أظهرنا ونحن نعلم أنه من أهل الجنة، فلما كان يوم اليمامة، كان فينا بعض الانكشاف، فجاء ثابت بن قيس بن شماس، وقد تحنط، ولبس كفنه، فقال: بئسما تعودون أقرانكم. فقاتلهم حتى قتل.

التالي السابق


* قوله : " رفيع الصوت " : أي: جهيره طبعا، وكان خطيب الأنصار، وجاء أنه خطب مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فقال: نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأولادنا، فما لنا؟ قال: " الجنة " ، قالوا: " رضينا " ، ويقال له: خطيب النبي صلى الله عليه وسلم أيضا.

[ ص: 230 ] * " حبط " : - بكسر الباء - ; أي: ضل وبطل، وفيه: أنه ينبغي للمؤمن أن يخاف شؤم المعاصي، وألا يعود ضررها على الإيمان.

* " فتفقده " : أي: تعرف حاله، ونظر في سبب عدم حضوره.

* " بل هو من أهل الجنة " : فيه بشارة له بالجنة، واشتهار العشرة بها لكونهم بشروا بها في حديث واحد، وإلا فمن بشر بها من الصحابة كثيرون.

* " فلما كان يوم اليمامة " : بيان لظهور صدق بشارته صلى الله عليه وسلم " .

* " تحنط " : استعمل الطيب الذي يستعمل في بدن الميت عادة.

* " فينا " : أي: في المسلمين.

* " تعودون " : من التعويد; أي: تجعلون لكم عادة معهم، والأقران: جمع قرن - بالكسر - ، وهو الكفؤ والنظير في الشجاعة، وفي الطبراني أنه قال; أي: حين جاء يقاتل: اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء، ومما صنع هؤلاء، ثم قاتل حتى قتل، فكان عليه درع، فمر به رجل مسلم، فأخذها، فبينما رجل من المسلمين نائم، أتاه ثابت في منامه، فقال: إني أوصيك بوصية، فإياك أن تقول: هذا حلم فتضيعه، إني لما قتلت، أخذ درعي فلان، ومنزله في أقصى الناس، وعند خبائه فرس تستن، وقد كفأ على الدرع برمة، وفوقها رحل، فأت خالدا، فمره فليأخذها، وليقل لأبي بكر: إن علي من الدين كذا وكذا، وفلان عتيق، فاستيقظ الرجل، فأتى خالدا فأخبره، فبعث إلى الدرع فأتي بها، وحدث أبا بكر رؤياه، فأجاز وصيته، كذا في " الإصابة " .

* * *




الخدمات العلمية