الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الثامن عشر : في قنوته- وفيه ثلاثة أنواع .

                                                                                                                                                                                                                              الأول : في قنوته في الصبح .

                                                                                                                                                                                                                              روى الإمام أحمد ، والدارقطني بسند جيد عن أنس - رضي الله تعالى عنه- قال : «ما زال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروي أيضا عنه قال : «قنت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، - وأحسبه- ورابع حتى فارقهم» . [ ص: 140 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروي أيضا عن أبي الطفيل عن علي ، وعمار- رضي الله تعالى عنهم- قال : «قام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقنت ، وروي حتى فارق الدنيا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار برجال موثقون عن أنس - رضي الله تعالى عنه- قال : «قنت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حتى مات ، وأبو بكر حتى مات ، وعمر حتى مات» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى محمد بن نصر في كتاب قيام الليل عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقنت في صلاة الصبح وفي وتر الليل بهؤلاء الكلمات ، «اللهم اهدني فيمن هديت» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحاكم وصححه ، وتعقب عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الثانية في صلاة الصبح ، يرفع يديه يدعو بهذا الدعاء : «اللهم اهدني فيمن هديت» إلى آخره .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : في قنوته في الوتر في النصف الأخير من رمضان ومطلقا .

                                                                                                                                                                                                                              روى ابن ماجه عن أبي بن كعب- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يوتر فيقنت قبل الركوع» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن الحسن بن علي - رضي الله تعالى عنه- قال : «علمني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كلمات أقولهن في قنوت الوتر : اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت» زاد ابن ماجه : «سبحانك ربنا» ثم اتفقوا : «تباركت وتعاليت» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطيالسي ، واللفظ له ، والأربعة دون قوله : لا أحصي ، عن علي - رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقول في الوتر : «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك ، لا أحصي نعمتك ولا ثناء عليك ، إنك كما أثنيت على نفسك» . [ ص: 141 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني - وقال : لم يروه عن علقمة إلا أبو حفص عمر ، فيحرر رجاله- .

                                                                                                                                                                                                                              عن بريدة- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول : «اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت» .

                                                                                                                                                                                                                              الثالث : في قنوته- صلى الله عليه وسلم-[في الصلوات المكتوبة] .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قنت شهرا متتابعا ، في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح في دبر كل صلاة إذا قال : «سمع الله لمن حمده» من الركعة الأخيرة ، يدعو على أحياء من سليم على رعل وذكوان وعصية ، ونؤمن خلفه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني برجال موثقين عن البراء- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان ، وأبو داود ، والنسائي عن أنس - رضي الله تعالى عنه- قال : «بعث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سبعين رجلا يقال لهم «القراء» ، فذكر الحديث في قتل الكفار لهم قال :

                                                                                                                                                                                                                              «فدعا عليهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- شهرا في صلاة الغداة ، وذلك بدء القنوت ، وما كنا نقنت .

                                                                                                                                                                                                                              قيل لأنس : بعد الركوع أو عند فراغ القراءة ؟

                                                                                                                                                                                                                              وفي أخرى : قنت شهرا يدعو على أحياء من العرب
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وفي أخرى : قنت شهرا بعد الركوع في صلاة الصبح يدعو على رعل وذكوان ويقول :

                                                                                                                                                                                                                              «عصية عصيت الله ورسوله»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه سمع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر يقول : «اللهم العن فلانا وفلانا» بعد ما يقول : «سمع [ ص: 142 ] الله لمن حمده ، ربنا ولك الحمد» ، فأنزل عليه ليس لك من الأمر شيء [آل عمران 128] إلى قوله فإنهم ظالمون .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري عن أنس ومسلم عن البراء بن عازب- رضي الله تعالى عنهما «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقنت في الفجر والمغرب» .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية