الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الخامس في إفطاره- صلى الله عليه وسلم- في رمضان في السفر وصومه فيه :

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو يعلى ، عن ابن عمر- رضي الله تعالى عنهما- قال : «سافر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في رمضان فصام وأفطر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا عن ابن مسعود- رضي الله تعالى عنه- قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصوم في السفر ويفطر .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الترمذي عن عمر بن الخطاب- رضي الله تعالى عنه- قال : «غزونا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في رمضان غزوتين : يوم بدر ، والفتح فأفطرنا فيهما» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام الشافعي ، ومسلم ، وابن ماجه ، عن جابر- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان ، فصام حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس ، فقيل له : إن الناس قد شق عليهم الصيام ، وإنما ينظرون فيما فعلت ، فدعا بقدح من ماء فوضعه على يده وأمر من بين يديه أن يحبسوا فلما حبسوا ولحقه من وراءه رفع الإناء إلى فيه فشرب ، وذلك بعد العصر ، فقيل له بعد ذلك : إن بعض الناس قد صام ، فقال : «أولئك العصاة ، أولئك العصاة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام الشافعي ، والشيخان ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- خرج عام الفتح في رمضان فصام ، حتى بلغ الكديد ، ثم أفطر فأفطر الناس معه ، وكانوا يأخذون بالأحداث من أمر رسول الله- صلى الله عليه وسلم-» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الأئمة : مالك ، والشافعي ، وأحمد عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن بعض أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أمر الناس في سفره عام الفتح بالفطر ، وقال : «تقووا لعدوكم» وصام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال أبو بكر الذي حدثني قال : رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «بالعرج» يصب الماء على رأسه من العطش أو من الحر ، ثم قيل لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- يا رسول الله إن [ ص: 427 ] طائفة من الناس قد صاموا حين صمت قال فلما كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالكديد دعا بقدح فشرب فأفطر الناس .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال : «خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من المدينة إلى مكة فصام حتى بلغ عسفان ، ثم دعا بماء فرفعه إلى يده ليراه الناس» .

                                                                                                                                                                                                                              وفي رواية لمسلم دعا بإناء فيه شراب فشربه نهارا ليراه الناس ، فأفطر حتى بلغ مكة ، وذلك في رمضان ، وكان ابن عباس يقول : «قد صام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأفطر ، فمن شاء صام ، ومن شاء أفطر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أبو يعلى ، والإمام أحمد بسند صحيح ، وابن حبان ، عن أبي سعيد- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- مر على نهر من ماء السماء في يوم صائف والمشاة كثير ، والناس صيام ، والنبي- صلى الله عليه وسلم- على بغلة له ، فوقف عليه حتى إذا تتام الناس قال : «يا أيها الناس اشربوا» ، فجعلوا ينظرون ما يصنع ، قال : «إني لست مثلكم إني راكب وأنتم مشاة ، قال فجعلوا ينظرون فلما أبوا حول وركه» وفي رواية : فثنى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فخذه فنزل فشرب وشرب الناس ، وما أراد أن يشرب .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، والشيخان ، وأبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال : «سافرنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في رمضان حتى بلغ عسفان ثم دعا بإناء من ماء فشرب نهارا ليراه الناس ، وأفطر حتى قدم مكة ، وكان ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- يقول : «صام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في السفر ، وأفطر ، فمن شاء صام ، ومن شاء أفطر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، والشيخان ، عن أبي الدرداء- رضي الله تعالى عنه- قال : خرجنا مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في شهر رمضان في حر شديد حتى إن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر ، وما فينا صائم إلا ما كان من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن رواحة .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، عن ابن مسعود- رضي الله تعالى عنه- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يصوم في السفر ويفطر» . [ ص: 428 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارقطني ، عن عبد الله بن عمرو- رضي الله تعالى عنهما- قال : «رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصوم في السفر ويفطر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الدارقطني عن أنس- رضي الله تعالى عنه- قال : «وافق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- رمضان في سفره ، فصام ، ووافق رمضان في سفره فأفطر» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحاكم ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال : «خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في رمضان إلى خيبر ، والناس مختلفون ، فصائم ، ومفطر ، فلما استوى على راحلته دعا بإناء من لبن ، أو من ماء فوضعه على راحلته ، أو راحته ، ثم نظر الناس فقال المفطرون للصوام : أفطروا ، وقال : قال عبد الرزاق عن معمر ، عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس ، «خرج رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عام الفتح ، قال الحافظ الضياء المقدسي في «الأحكام» : والصحيح : عام الفتح ، وقول من قال خيبر وهم من قائله . [ ص: 429 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية