الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب العاشر في أوقافه- صلى الله عليه وسلم-

                                                                                                                                                                                                                              وهي الصافية معروفة اليوم شرقي المدينة بجرع زهيرة تصغير زهرة .

                                                                                                                                                                                                                              وبرقة- بموحدة مفتوحة ، فراء ساكنة ، فقاف مفتوحة فتاء تأنيث ، وهي هنا ما مال من قبل المدينة ، مما يلي الشرق ، وناحيتها شهدت بها .

                                                                                                                                                                                                                              والدلال- بفتح الدال المهملة ، وهي في الأصل حسن الشكل والقبح مال بالمدينة مربح ومعروف قبل الصافية قبل المليكي وقف المدرسة الشهابية .

                                                                                                                                                                                                                              الميثب- بميم مكسورة فتحتية ساكنة فمثلثة مفتوحة ، فموحدة ، وهو في الأصل :

                                                                                                                                                                                                                              الأرض السهلة ، وهو هنا : مال بالمدينة وهو غير معروف اليوم .

                                                                                                                                                                                                                              ويؤخذ من كلام الزهري الآتي قرية من الثلاثة قبله .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن شهاب الأربع متجاورات بأعلى الصورين ، من خلف قصر مروان بن الحكم .

                                                                                                                                                                                                                              والأعواف بهمزة مفتوحة فعين مهملة ساكنة ، فواو كما ذكره أو راء ، وحسنى يسقيه مهزور وضبط المراغي ، بخطه- بضم الحاء وسكون السين المهملتين ثم نون مفتوحة ، وأقره السيد في النور : هو بكسر الحاء وإسكان السين المهملتين ثم نون مقصور هكذا في النسخ أي نسخ العيون .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن شهاب يسقيها مهزور ، وهو من ناحية القف . انتهى .

                                                                                                                                                                                                                              وقول المراغي : إنه لا يعرف اليوم ، ولعله تصحيف من الحنا بالنون بعد الحاء ، وهو معروف غير صحيح أنه من عدة مواضع من كتب أخبار المدينة بخاء فسين فنون وقد سبق أنه بالقف ويثرب بمهزور والحنا شرقي الماجشونية ، ولا يثرب لمهزور .

                                                                                                                                                                                                                              قال السيد : ويظهر لي أنه الموضع المعروف بالحسنيات قرب جزع الدلال . إذ هو بجهة القف أو يثرب لمهزور .

                                                                                                                                                                                                                              ومشربة أم إبراهيم- رضي الله تعالى عنهما- أما المشربة في الأصل : الإناء يشرب فيه .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن شهاب : إذا خلفت بيت مدارس اليهود فجئت مال عبيدة بن عبيد الله بن مرة فمشربة أم إبراهيم إلى جنبه .

                                                                                                                                                                                                                              وإنما سميت مشربة أم إبراهيم ، لأن أمه مارية ولدته فيها وهي معروفة بالعالية .

                                                                                                                                                                                                                              تنبيهات

                                                                                                                                                                                                                              الأول : روى ابن سعد ، عن محمد بن كعب القرظي . قال : كانت الحبس على عهد [ ص: 407 ]

                                                                                                                                                                                                                              رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حبس سبعة حوائط بالمدينة . الأعواف ، والصافية ، والدلال والميثب وبرقة وحسنى ومشربة أم إبراهيم .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : اختلفوا في يد من كانت قبل أن تصل إلى يد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقيل إنها كانت من أموال مخيريق .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال : «أول صدقة في الإسلام وقف رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لما قتل مخيريق بأحد وأوصى إن أصبت فأموالي لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقبضها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وتصدق بها» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا عن عمر بن عبد العزيز قال في خلافته بخناصرة سمعت بالمدينة- والناس بها يومئذ كثير- من مشيخة المهاجرين والأنصار أن حوائط رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يعني التي وقف- من أموال مخيريق . وقال : إن أصبت فأموالي إلى محمد يضعها حيث أراه الله . وقتل يوم أحد ، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- «مخيريق خير يهود» .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : «إنها من أموال بني النضير» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن سعد ، عن محمد بن سهل بن أبي حثمة قال : «كانت صدقة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من أموال بني النضير وهي سبعة ، ثم ذكر ما تقدم ، ثم قال : وكان ذلك المال ، لسلام بن مشكم النضيري» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى أيضا عن عثمان بن وثاب قال : «ما هذه الحوائط إلا من أموال بني النضير ، لقد رجع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من أحد ففرق أموال مخيريق» .

                                                                                                                                                                                                                              تنبيه : في بيان غريب ما سبق :

                                                                                                                                                                                                                              الصافية جرع- بجيم فراء مفتوحتين فعين مهملة : الضيعة .

                                                                                                                                                                                                                              مهزور- بميم فهاء فزاي فواو فراء .

                                                                                                                                                                                                                              القف- بقاف مضمومة ، ففاء ، واد من أودية المدينة عليه ماء لأهلها .

                                                                                                                                                                                                                              مخيريق- بالخاء المعجمة والقاف مصغرا . [ ص: 408 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية