الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب السادس في صلاته- صلى الله عليه وسلم- الوتر

                                                                                                                                                                                                                              وفيه أنواع :

                                                                                                                                                                                                                              الأول : في عدد وتره- صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                              روى أبو داود عن عبد الله بن أبي قيس- رحمه الله تعالى- قال : سألت عائشة- رضي الله تعالى عنها- «بكم كان يوتر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ؟ قالت : كان يوتر بأربع ، وثلاث ، وست ، وثلاث ، وثمان ، وثلاث ، وعشر وثلاث ، ولم يكن يوتر بأنقص من سبع ولا بأكثر من ثلاث عشرة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى مسلم ، وأبو داود ، والنسائي ، عن سعد بن هشام رحمه الله تعالى- قال : سألت عائشة- رضي الله تعالى عنها : فقلت : يا أم المؤمنين أنبئيني عن وتر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قالت :

                                                                                                                                                                                                                              «كنا نعد له سواكه ، وطهوره ، فيبعثه الله تعالى لما شاء أن يبعثه من الليل ، فيتسوك ويتوضأ ، ثم يصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا عند الثامنة ، فيدعو ربه ، ويصلي على نبيه ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعد ما سلم ، فتلك إحدى عشرة ركعة ، فلما أسن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأخذه اللحم ، أوتر بسبع يسلم من كل ركعتين ، وصلى ركعتين بعد ما سلم»
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها : «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر فيها بواحدة ، فإذا فرغ منها اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيصلي ركعتين خفيفتين» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البرقاني في صحيحه عنها قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة يسجد السجدة من ذلك قدر ما يقرأ الإنسان خمسين آية قبل أن يرفع رأسه ، ويركع قبل صلاة الفجر ركعتين خفيفتين ، ثم يضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن للصلاة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والنسائي ، عنها قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا أوتر تسع ركعات لم يقعد إلا في الثامنة حتى يحمد الله تعالى ويذكره ويدعو ثم ينهض ولا يسلم ، ثم [ ص: 265 ] يصلي السابعة ثم يسلم تسليمة السلام عليكم يرفع بها صوته ، ثم يصلي ركعتين وهو جالس» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، والترمذي ، وحسنه ، والنسائي ، وابن ماجه ، عن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوتر بثلاث عشرة ركعة ، فلما كبر وضعف أوتر بسبع وبخمس» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، وابن أبي شيبة ، عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوتر بخمس ركعات من آخر الليل» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان عنها قالت : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يسلم في كل ركعتين ويوتر بواحدة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، وأبو يعلى ، عن أبي أمامة- رضي الله تعالى عنه- قال : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوتر بتسع حتى إذا بدن وكثر لحمه أوتر بسبع وصلى ركعتين وهو جالس فقرأ ب إذا زلزلت و قل يا أيها الكافرون .

                                                                                                                                                                                                                              وقال أبو الحسن الهيثمي رجاله ثقات .

                                                                                                                                                                                                                              وقال أبو الفرج : في سنده أبو غالب ، واسمه حزور والظاهر أنه رواه بما يظنه المعنى ، بأن بدن مشدد معناه : كبر ، ومن خفف فقد غلط ، لأن معناه : كثرة اللحم ، وليس ذلك من صفاته- صلى الله عليه وسلم- قلت : رواية سعد بن هشام ، عن عائشة فلما أسن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وأخذه اللحم ، وهو يؤيد رواية أبي غالب .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد والنسائي ، وحسنه عن أم سلمة- رضي الله تعالى عنها- قالت :

                                                                                                                                                                                                                              «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يوتر بسبع ، وبخمس ، لا يفصل بتسليم» ولفظ أحمد بكلام .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار عن زبيد بن الحارث قال : «كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يصلي من الليل بثلاث» . [ ص: 266 ]

                                                                                                                                                                                                                              وروى البزار والطبراني عن سعد بن أبي وقاص- والبزار عن جابر ، والطبراني عن أبي سعيد- رضي الله تعالى عنهم- «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أوتر بركعة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد عن علي- رضي الله تعالى عنه : «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يوتر بثلاث» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الحجاج بن أبي أرطاة ، عن عمران بن حصين- رضي الله تعالى عنهما «أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يوتر بثلاث ، يقرأ في الركعة الأولى ب سبح اسم ربك الأعلى و قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد .

                                                                                                                                                                                                                              وروى ابن أبي شيبة ، وأبو يعلى عن جابر- رضي الله تعالى عنه- «أنه أخذ براحلة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في زمن الحديبية قال : فأنختها ، فتقدم فصلى العشاء ، وأنا عن يمينه ثم صلى ثلاث عشرة ركعة» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الطبراني من طريق عباد بن منصور ، عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- قال : «بت عند رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلما طلع الفجر الأول ، قام فأوتر بثلاث ، يقرأ في الأولى ب سبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة ب قل هو الله أحد فإذا سلم قال : «سبحان الملك القدوس» ، ومد بها صوته» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى البخاري عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- وقد سئلت عن قيام رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في رمضان فقالت : «ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة» .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية