الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              الباب الرابع في سيرته- صلى الله عليه وسلم- في غسل الميت ، وتكفينه

                                                                                                                                                                                                                              وفيه نوعان :

                                                                                                                                                                                                                              الأول في غسل الميت والكفن ، وبزاقه على بعض أصحابه- صلى الله عليه وسلم- .

                                                                                                                                                                                                                              روى الأئمة ، والدارقطني ، عن أم عطية- رضي الله تعالى عنها- قالت : «دخل علينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- . حين توفيت ابنته ، فقال : «اغسلنها ثلاثا ، أو خمسا ، أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر ، واجعلن في الآخرة كافورا ، أو شيئا من كافور ، وابدأن بميامنها ، ومواضع الوضوء منها ، فإذا فرغتن فآذنني» ، قال : فضفرنا شعرها ثلاثة قرون ، فألقيناه خلفها ، فلما فرغنا آذناه فأعطانا حقوه فقال : «أشعرنها إياه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، عن ليلى الثقفية- رضي الله تعالى عنها- قالت : «كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عند وفاتها ، فكان أول ما أعطانا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الحقاء ، ثم الدرع . ثم الخمار ثم الملحفة ، ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر ، قالت ورسول الله- صلى الله عليه وسلم- عند الباب معه كفنها يناولنا ثوبا ثوبا» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الشيخان ، عن جابر- رضي الله تعالى عنه- قال : «أتى النبي- صلى الله عليه وسلم- عبد الله بن أبي بعد ما دفن فأخرجه فنفث فيه من ريقه ، وألبسه قميصه» .

                                                                                                                                                                                                                              وروى الإمام أحمد برجال ثقات- والرجل المبهم لم يسم- عن شيخ من قيس ، عن أبيه ، قال : جاءنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعندنا بكرة صعبة لا يقدر عليها ، فدنا منها رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فمسح ضرعها ، فحفل ، فاحتلب قال : فلما مات أبي جاء وقد شددته في كفنه ، وأخذت سلاءة فشددت بها الكفن ، فقال : «لا تعذب أباك بالسلاء» ثم كشف عن صدره ، وألقى السلاء ثم بزق على صدره ، حتى رأيت بياض رضاض بزاقه على صدره» .

                                                                                                                                                                                                                              الثاني : فيمن غسله النبي- صلى الله عليه وسلم- بيده ، وكفنه وصلى عليه ، وأدخله قبره .

                                                                                                                                                                                                                              روى عبد بن حميد ، والحارث بن أبي أسامة- بسند ضعيف- عن عبد الله بن أوفى [ ص: 359 ] - رضي الله تعالى عنه- قال : «كان بالمدينة مقعد ، فقال لأهله ضعوني على طريق رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إلى مسجده ، قال : فكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا اختلف إلى المسجد سلم على المقعد ، فجاء أهل المقعد ، ليردوه إلى أهله فقال : لا والله لا أبرح من هذا المكان . ما عاش رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فابنوا لي خصا ، فكان المقعد فيه ، فكان كلما مر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- دخل وسلم على المقعد ، وكلما أصاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- طرفة طعام بعث بها إلى المقعد ، قال : فبينما نحن مع رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذ أتى آت فنعى له المقعد ، فنهض رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ونهضنا معه حتى دنا من الخص ، قال لأصحابه : «لا يقربن أحد من الخص غيري ، فدنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من الخص ، فإذا جبريل قاعد عند رأس المقعد فقال جبريل : «يا رسول الله ، أما إنك لو لم تأتنا لكفيناك أمره ، فأما إذا جئت فأنت أولى به ، فقام إليه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فغسله بيده وكفنه ، وصلى عليه وأدخله القبر» .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية