الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
274 - حدثنا محمد بن عبيد بن حساب ، ثنا حماد بن زيد ، ثنا معبد بن هلال ، قال : انطلقت إلى أنس بن مالك في رهط من أهل البصرة ، لم يعلمنا إلا هذا الحديث ، وتشفعنا بثابت ، فانتهينا إليه ، وإذا هو يصلي الضحى ، فاستأذن ثابت فأذن لنا ، فدخلنا عليه ، فجلس ثابت معه على سريره ، أو على فراشه ، فقلت لأصحابنا : لا تسألوه عن [شيء] أول من هذا الحديث ، فإنا خرجنا له ، قال ثابت : يا أبا حمزة! ، إن إخوانك من أهل البصرة ، جاؤوا يسألونك عن حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الشفاعة ؟ ! قال : نعم ، حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، قال : " إذا كان يوم القيامة صار الناس بعضهم في بعض ، فيؤتى آدم ، فيقال له : يا آدم! اشفع لنا إلى ربك! ، فيقول : لست لها ، [ ص: 290 ] ولكن عليكم بإبراهيم ، فهو خليل الله ، فيؤتى إبراهيم فيقول : لست لها ، ولكن عليكم بموسى ، فإنه كليم الله ، فيؤتى موسى ، فيقول : لست لها ، لكن عليكم بعيسى ، فهو روح الله وكلمته ، فيؤتى عيسى ، فيقول : لست لها ، ولكن عليكم بمحمد ، فأوتى ، فأقول : أنا لها ، فأنطلق ، فأستأذن على ربي ، فيؤذن لي عليه ، فأقوم بين يديه ، ويعلمني محامد لا أقدر عليها الآن ، فأحمده بتلك المحامد ، ثم أخر له ساجدا ، فيقول لي : " محمد! ارفع رأسك ، وقل ، يسمع لك ، وسل ، تعطه ، واشفع ، تشفع " ، فأقول : يا رب! أمتي أمتي ، فيقال لي : " انطلق ، فمن كان في قلبه مثقال برة " ، وإما قال : " شعيرة من إيمان ، فأخرجه منها! " ، فأنطلق ، فأفعل ذلك ، ثم أعود ، فأحمده بتلك المحامد ، ثم أخر له ساجدا ، فيقال لي : " محمد! ارفع رأسك! ، وقل ، يسمع لك ، وسل تعطه ، واشفع تشفع " ، فأقول : أي رب ، أمتي أمتي! ، فيقال لي : " انطلق فمن كان في قلبه مثقال خردلة من إيمان فأخرجه منها ، فأنطلق ، فأفعل ، ثم أعود ، فأحمده بتلك المحامد ، فأخر له ساجدا ، فيقال لي : " يا محمد! ، ارفع رأسك ، وقل ، يسمع لك ، وسل ، تعط ، واشفع ، تشفع! " ، فأقول : أي رب! ، أمتي أمتي! ، فيقال لي : " انطلق ، فمن كان في قلبه أدنى من ثلثي مثقال من خردل ، فأخرجه من النار " ، فأنطلق فأفعل " . [ ص: 291 ]

هذا حديث أنس الذي أنبأنا ، حتى إذا كنا بظهر الجبان ، قلنا : لو ملنا إلى الحسن ، وهو مستخف في منزل أبي خليفة ، فأتيناه ، فدخلنا عليه ، فقلنا : يا أبا سعيد! ، جئنا من عند أخيك أبي حمزة ، فلم نسمع بمثل حديث حدثنا في الشفاعة ، فقال : هاتوا كيف حدثكم ، فحدثناه حتى إذا فرغنا ، قال : هيه ، فقلنا : ما زادنا على هذا ، فقال الحسن : والله لقد حدثني بهذا الحديث منذ عشرين سنة ، وهو جميع فما أدري أنسي الشيخ أم كره أن يحدثكم ، فتنكلوا ؟ فقلنا : يا أبا سعيد! ، حدثنا! ، فضحك ، وقال : خلق الإنسان عجولا ، إني لم أذكر هذا ، إلا وأنا أريد أن أحدثكموه ، حدثني كما حدثكم منذ عشرين سنة ، قال : " ثم أقوم الرابعة ، فأحمده بتلك المحامد ، ثم أخر له ساجدا ، فيقال لي : " يا محمد! ارفع رأسك ، وقل ، يسمع ، وسل ، تعط ، واشفع ، تشفع! " ، فأرفع رأسي ، فأقول : أي رب! ، ائذن لي فيمن قال : لا إله إلا الله! ، فيقال لي : " ليس ذلك لك ، ولكن وعزتي [ ص: 292 ] وجلالي ، وكبريائي وعظمتي ، لأخرجن منها من قال : لا إله إلا الله ، " فأشهد تحدثنا بهذا يوم سمعنا أنسا " .


التالي السابق


الخدمات العلمية