الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
392 - حدثنا محمد بن عبيد بن حساب ، ثنا حماد بن زيد ، ثنا أيوب ، عن أبي قلابة ، عن رجل ، من أهل الشام ، عن أبيه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له : " أسلم ، تسلم " . قال : وما الإسلام ؟ ! قال : " أن تسلم قلبك لله ، ويسلم المسلمون من لسانك ويدك " .

قال : فأي الإسلام أفضل ؟ ! قال : " الإيمان " . [ ص: 402 ]

قال : وما الإيمان ؟ قال : " أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، وبالبعث بعد الموت " .

قال : فأي الإيمان أفضل ؟ قال : " الهجرة " .

قال : وما الهجرة ؟ قال : " أن تهجر السوء " .

قال : فأي الهجرة أفضل ؟ ! قال : " الجهاد " ، قال : وما الجهاد ؟ ! قال : " أن تجاهد ، أو قال : تقاتل ، الكفار إذا لقيتهم ، ولا تغل ، ولا تجبن " . ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإصبعيه ، " ثم عملان هما أفضل الأعمال ، ألا من عمل بمثلهما ، قالها ثلاثا ، حجة مبرورة ، أو عمرة " .

قال أبو عبد الله : أولست ترى ؟ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له : " أسلم ، تسلم " ، فجعل دعاءه إلى الإسلام كلمة واحدة جامعة ، أي إنك إذا أسلمت ، سلمت من كل سوء ، فلما سأله : ما الإسلام ؟ ! قال : " أن تسلم قلبك لله ، وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك " ، فزاده تفسيرا وبيانا ، فلما قال له : أي الإسلام أفضل ؟ قال : " الإيمان " ، فجعل الإيمان من الإسلام ، فلما قال له : وما الإيمان ؟ قال : " أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله " ، وسكت له عن ذكر العمل ، فكأن الرجل علم أن العمل قد دخل في ذلك ، فقال له : فأي الإيمان أفضل ؟ قال : " الهجرة " ، [ ص: 403 ] فجعلها كلمة واحدة جامعة ، فلما قال له : فما الهجرة ؟ قال : " أن تهجر السوء " ، فزاده تفسيرا وبيانا ، فلما قال له : فأي الهجرة أفضل ؟ قال : " الجهاد في سبيل الله " ، وقد قال له قبل ذلك : " الهجرة أن تهجر السوء " ، أي إنك إذا هجرت السوء ، رغبت في الخير ، ومن خير ما أنت راغب فيه الجهاد في سبيل الله ، ثم الحج والعمرة من الإيمان ، وقد بدأ قبل ذلك ، فأخبره أن الإيمان إنما هو أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، ففي ذلك بيان ما قلنا : إن الإيمان بكتاب الله ، إنما هو اتباع ما فيه ، فقد أمر فيه بالهجرة ، والحج ، والعمرة ، والجهاد ، واجتناب السوء .

التالي السابق


الخدمات العلمية