الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله بغتة أو جهرة هل يهلك إلا القوم الظالمون ) هذا تهديد ثالث ، فالأول بأحد أمرين : العذاب والساعة ، والثاني : بالأخذ والختم ، والثالث : بالعذاب فقط . قيل : ( بغتة ) فجأة لا يتقدم لكم به علم . و ( جهرة ) تبدو لكم مخايله ثم ينزل . وقال الحسن : ( بغتة ) ليلا و ( جهرة ) نهارا . وقال مجاهد : ( بغتة ) فجأة آمنين و ( جهرة ) وهم ينظرون ، ولما كانت البغتة تضمنت معنى الخفية صح مقابلتها للجهرة وبدئ بها لأنها أردع من الجهرة ، والجملة من قوله ( هل يهلك ) معناها النفي أي ما يهلك إلا القوم الظالمون ، ولذلك دخلت إلا وهي في موضع المفعول الثاني لأرأيتكم ، والرابط محذوف ، أي هل يهلك به ، والأول من مفعولي ( أرأيتكم ) محذوف من باب الإعمال لما قررناه ، ولما كان التهديد شديدا جمع فيه بين أداتي الخطاب . والخطاب لكفار قريش والعرب ، وفي ذكر الظلم تنبيه على علة الإهلاك ، والمعنى : هل يهلك إلا أنتم لظلمكم ؟ وقرأ ابن محيصن : ( هل يهلك ) مبنيا للفاعل .

( وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين ) أي مبشرين بالثواب ومنذرين بالعقاب ، وانتصب ( مبشرين ومنذرين ) على الحال وفيهما معنى العلية ، أي أرسلناهم للتبشير والإنذار لا لأن تقترح عليهم الآيات بعد وضوح ما جاءوا به وتبيين صحته .

( فمن آمن وأصلح ) أي من صدق بقلبه وأصلح في عمله . ( فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون ) جعل العذاب ماسا كأنه ذو حياة يفعل [ ص: 133 ] بهم ما شاء من الآلام . وقرأ علقمة : ( نمسهم العذاب ) بالنون من أمس ، وأدغم الأعمش العذاب بما كأبي عمرو . وقرأ يحيى بن وثاب والأعمش : ( يفسقون ) بكسر السين .

التالي السابق


الخدمات العلمية