الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين ) لما طلب موسى - عليه السلام - الرؤية ومنعها عدد عليه تعالى وجوه نعمه العظيمة عليه وأمره أن يشتغل بشكرها وهذه تسلية منه تعالى له ، والاصطفاء تقدم شرحه ، وعلى الناس لفظ عام ، ومعناه الخصوص ، أي : على أهل زمانك ، أو يبقى على عمومه ويعني في مجموع الدرجتين الرسالة والكلام . قاله ابن عطية ، وينبغي أن يحمل ذلك على وقوع الكلام في الأرض إذ ثبت أن آدم نبي مكلم ، وتئول على أن ذلك في الجنة ورسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - ويظهر من حديث الإسراء أنه كلمه الله تعالى ويدل قوله : ( وبكلامي ) على أنه سمع الكلام من الله لا من غيره ؛ لأن الملائكة تنزل على الرسل بكلام الله وقدم ( برسالاتي ) على ( وبكلامي ) ؛ لأن الرسالة أسبق في الزمان ، أو لأنه انتقل من شريف إلى أشرف ، وقرأ الحرميان : برسالتي على الإفراد وهو مراد به المصدر ، أي : بإرسالي ، أو يكون على حذف مضاف ، أي : بتبليغ رسالتي ؛ لأن مدلول الرسالة غير مدلول المصدر ، وقرأ باقي السبعة بالجمع ؛ لأن الذي أرسل به ضروب ، وأنواع ، وقرأ الجمهور ( وبكلامي ) فاحتمل [ ص: 387 ] أن يكون مصدرا ، أي : وبتكليمي ، أو يكون على حذف مضاف ، أي : وبسماع كلامي ، وقرأ أبو رجاء : " برسالتي وبكلمي " جمع كلمة ، أي : وبسماع كلمي ، وقرأ الأعمش : " برسالاتي وتكلمي " ، وحكى عنه المهدوي : وتكليمي على وزن تفعيلي ، وأمره تعالى أن يأخذ ما آتاه من النبوة ؛ لأن في الأمر بالأخذ مزيد تأكيد وحصول أجر بالامتثال ، والمعنى : خذ ما آتيتك باجتهاد في تبليغه وجد في النفع به ( وكن من الشاكرين ) على ما آتيناك وفي ذلك إشارة إلى القنع والرضا بما أعطاه الله ، والشكر عليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية