الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 370 ] ( فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ) ابتلوا بالجدب ونقص الثمرات رجاء التذكير فلم يقع المرجو وصاروا إذا أخصبوا وصحوا قالوا : نحن أحقاء بذلك ، وإذا أصابهم ما يسوءهم تشاءموا بموسى وزعموا أن ذلك بسببه ، واللام في ( لنا ) قيل للاستحقاق كما تقول السرج للفرس وتشاؤمهم بموسى ومن معه معناه أنه لولا كونهم فينا لم يصبنا كما قال الكفار للرسول - عليه السلام - هذه من عندك في قوله : ( وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك ) وأتى الشرط بإذا في مجيء الحسنة وهي لما تيقن وجوده ؛ لأن إحسان الله هو المعهود الواسع العام لخلقه بحيث إن إحسانه لخلقه عام حتى في حال الابتلاء ، وأتى الشرط بإن في إصابة السيئة وهي للممكن إبرازا أن إصابة السيئة مما قد يقع ، وقد لا يقع ، وجهه رحمة الله أوسع ، قال الزمخشري : فإن قلت : كيف قيل ( فإذا جاءتهم الحسنة ) بإذا وتعريف الحسنة ( وإن تصبهم سيئة ) بإن وتنكير السيئة قلت : لأن جنس الحسنة وقوعه كالواجب لكثرته واتساعه ، وأما السيئة فلا تقع إلا في الندرة ، ولا يقع إلا يسير منها ومنه قول بعضهم : وقد عددت أيام البلاء فهلا عددت أيام الرخاء . انتهى . وقرأ عيسى بن عمر ، وطلحة بن مصرف : تطيروا بالتاء وتخفيف الطاء فعلا ماضيا ، وهو جواب ( وإن تصبهم ) ، وهذا عند سيبويه مخصوص بالشعر أعني أن يكون فعل الشرط مضارعا وفعل الجزاء ماضي اللفظ نحو قول الشاعر :


من يكدني بسيئ كنت منه كالشجى بين حلقه والوريد



وبعض النحويين يجوزه في الكلام وما روي من أن مجاهدا قرأ تشاءموا مكان تطيروا فينبغي أن يحمل ذلك على التفسير لا على أنه قرآن لمخالفته سواد المصحف .

التالي السابق


الخدمات العلمية