الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ) لما ذكر تعالى ما حرموه افتراء عليه ، ثم ذكر ما أباحه تعالى لهم من الحبوب والفواكه والحيوان ، ذكر ما حرمه تعالى عليهم من أشياء نهاهم عنها وما أوجب عليهم من أشياء أمرهم بها . وتقدم [ ص: 249 ] شرح ( تعالوا ) في قوله تعالى : ( إلى كلمة ) ، والخطاب في قل للرسول ، وفي تعالوا قيل للمشركين ، وقيل : لمن بحضرة الرسول من مؤمن وكتابي ومشرك . وسياق الآيات يدل على أنه للمشركين ، وإن كان حكم غيرهم في ذلك حكمهم ، أمره تعالى أن يدعو جميع الخلق إلى سماع ما حرم الله بشرع الإسلام المبعوث به إلى الأسود والأحمر . وأتل : أسرد وأقص من التلاوة ، وهي إتباع بعض الحروف بعضا . وقال كعب الأحبار : هذه الآيات مفتتح التوراة بسم الله الرحمن الرحيم ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين ) إلى آخر الآية . وقال ابن عباس : هذه الآيات هي المحكمات التي ذكرها الله في سورة آل عمران ، أجمعت عليها شرائع الخلق ولم تنسخ قط في ملة . وقد قيل : إنها العشر كلمات المنزلة على موسى - عليه السلام - و ( ما ) بمعنى الذي وهي مفعولة بأتل ، أي : أقرأ الذي حرمه ربكم عليكم . وقيل : مصدرية ، أي : تحريم ربكم . وقيل : استفهامية منصوبة بحرم ، أي : أي شيء حرم ربكم ، ويكون قد علق أتل ، وهذا ضعيف لأن أتل ليس من أفعال القلوب فلا تعلق . و ( عليكم ) متعلق بحرم لا بأتل ، فهو من إعمال الثاني . وقال ابن الشجري : إن علقته بأتل فهو جيد لأنه أسبق ، وهو اختيار الكوفيين ، فالتقدير : أتل عليكم الذي حرم ربكم .

التالي السابق


الخدمات العلمية