الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (3) قوله : لاهية : يجوز أن تكون حالا من فاعل "استمعوه" - عند من يجيز تعدد الحال- فتكون الحالان مترادفتين، وأن تكون [ ص: 132 ] حالا من فاعل "يلعبون" فتكون الحالان متداخلتين. وعبر الزمخشري عن ذلك فقال: "وهم يلعبون لاهية قلوبهم" حالان مترادفتان أو متداخلتان" وإذا جعلناهما حالين مترادفتين ففيه تقديم الحال غير الصريحة على الصريحة، وفيه من البحث كما في باب النعت. و "قلوبهم" مرفوع بـ "لاهية".

                                                                                                                                                                                                                                      والعامة على نصب "لاهية". وابن أبي عبلة بالرفع على أنها خبر ثان بقوله "وهم" عند من يجوز ذلك، أو خبر مبتدأ محذوف عند من لا يجوزه.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "وأسروا النجوى الذين ظلموا" يجوز في محل "الذين" ثلاثة أوجه: الرفع والنصب والجر. فالرفع من أوجه، أحدها: أنه بدل من واو "أسروا" تنبيها على اتسامهم بالظلم الفاحش، وعزاه ابن عطية لسيبويه، وغيره للمبرد.

                                                                                                                                                                                                                                      الثاني: أنه فاعل. والواو علامة جمع دلت على جمع الفاعل، كما تدل التاء على تأنيثه، وكذلك يفعلون في التثنية فيقولون: قاما أخواك. وأنشدوا:


                                                                                                                                                                                                                                      3331 - يلومونني في اشتراء النخيـ ـل أهلي فكلهم ألوم



                                                                                                                                                                                                                                      وقد تقدمت هذه المسألة في المائدة عند قوله تعالى: "ثم عموا وصموا [ ص: 133 ] كثير منهم" وإليه ذهب الأخفش وأبو عبيدة. وضعف بعضهم هذه اللغة، وبعضهم حسنها ونسبها لأزد شنوءة، وقد تقدمت هذه المسألة في المائدة عند قوله تعالى: "ثم عموا وصموا كثير منهم".

                                                                                                                                                                                                                                      الثالث: أن يكون "الذين" مبتدأ، و "أسروا" جملة خبرية قدمت على المبتدأ، ويعزى للكسائي.

                                                                                                                                                                                                                                      الرابع: أن يكون "الذين" مرفوعا بفعل مقدر فقيل تقديره: يقول الذين. واختاره النحاس قال: "والقول كثيرا ما يضمر. ويدل عليه قوله بعد ذلك: "هل هذا إلا بشر مثلكم". وقيل: تقديره: أسرها الذين ظلموا.

                                                                                                                                                                                                                                      الخامس: أنه خبر مبتدأ مضمر تقديره: هم الذين ظلموا.

                                                                                                                                                                                                                                      السادس: أنه مبتدأ. وخبره الجملة من قوله: "هل هذا إلا بشر" ولا بد من إضمار القول على هذا القول تقديره: الذين ظلموا يقولون: هل هذا إلا بشر، والقول يضمر كثيرا.

                                                                                                                                                                                                                                      والنصب من وجهين، أحدهما: الذم. الثاني: إضمار أعني. والجر من وجهين أيضا: أحدهما: النعت، والثاني: البدل، من "للناس"، ويعزى هذا للفراء وفيه بعد.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 134 ] قوله: "هل هذا" إلى قوله: "تبصرون" يجوز في هاتين الجملتين الاستفهاميتين أن يكونا في محل نصب بدلا من "النجوى"، وأن يكونا في محل نصب بإضمار القول. قالهما الزمخشري، وأن يكونا في محل نصب على أنهما محكيتان بالنجوى، لأنها في معنى القول. "وأنتم تبصرون" جملة حالية من فاعل "تأتون".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية