الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 432 ] آ. (53) قوله : جهد أيمانهم : فيه وجهان، أحدهما: أنه منصوب على المصدر بدلا من اللفظ بفعله إذ أصل "أقسم بالله جهد اليمين": أقسم بجهد اليمين جهدا، فحذف الفعل وقدم المصدر موضوعا موضعه مضافا إلى المفعول كـ "ضرب الرقاب"، قاله الزمخشري. والثاني أنه حال تقديره: مجتهدين في أيمانهم كقولهم: افعل ذلك جهدك وطاقتك. وقد خلط الزمخشري الوجهين فجعلهما وجها واحدا فقال بعد ما قدمته عنه: "وحكم هذا المنصوب حكم الحال كأنه قيل: جاهدين أيمانهم". وقد تقدم الكلام على "جهد أيمانهم" في المائدة.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "طاعة معروفة" في رفعها ثلاثة أوجه. أحدها: أنها خبر مبتدأ مضمر تقديره: أمرنا طاعة أو المطلوب طاعة. الثاني: أنها مبتدأ، والخبر محذوف أي: أمثل، أو أولى. وقد تقدم أن الخبر متى كان في الأصل مصدرا بدلا من اللفظ بفعله وجب حذف مبتدئه كقوله: "صبر جميل" ولا يبرز إلا اضطرارا كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3464 - فقالت على اسم الله أمرك طاعة وإن كنت قد كلفت ما لم أعود



                                                                                                                                                                                                                                      على خلاف في ذلك. والثالث: أن تكون فاعلة بفعل محذوف أي: ولتكن طاعة ولتوجد طاعة. واستضعف ذلك: بأن الفعل لا يحذف إلا إذا تقدم [ ص: 433 ] مشعر به كقوله: "يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال". [669/أ] في قراءة من بناه للمفعول أي: يسبحه رجال أو يجاب به نفي كقولك: "بلى زيد" لمن قال: لم يقم أحد، أو استفهام كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3465 - ألا هل أتى أم الحويرث مرسل     بلى خالد إن لم تعقه العوائق



                                                                                                                                                                                                                                      والعامة على رفع "طاعة" على ما تقدم. وزيد بن علي واليزيدي على نصبها بفعل مضمر، وهو الأصل. قال أبو البقاء: "ولو قرئ بالنصب لكان جائزا في العربية، وذلك على المصدر أي: أطيعوا طاعة وقولوا قولا. وقد دل عليه قوله تعالى بعدها "قل أطيعوا الله". قلت ما ود أن يقرأ به قد قرئ به كما تقدم نقله. وأما قوله: و "قولوا قولا" فكأنه سبق لسانه إلى آية القتال وهي: "فأولى لهم طاعة وقول معروف" ولكن النصب هناك ممتنع أو بعيد.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية