الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 150 ] آ. (31) قوله: أن تميد مفعول من أجله أي: أن لا تميد فحذفت "لا" لفهم المعنى، أو كراهة أن تميد. وقدره أبو البقاء فقال: "مخافة أن تميد". وفيه نظر لأنا إن جعلنا المخافة مسندة إلى المخاطبين اختل شرط من شروط النصب في المفعول له وهو الفاعل. وإن جعلناها مسندة لفاعل الجعل استحال ذلك، لأنه تبارك وتعالى لا يسند إليه الخوف. وقد يقال: يختار أن تسند المخافة إلى المخاطبين. قولكم: يختل شرط من شروط النصب. جوابه: أنه ليس بمنصوب، بل مجرور بحرف العلة المقدر. وحذف حرف الجر مطرد مع أن وأن بشرطه.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "فجاجا سبلا" في "فجاجا" وجهان، أحدهما: أنه مفعول به و "سبلا" بدل منه. والثاني: أنه منصوب على الحال من "سبلا" لأنه في الأصل صفة له فلما قدم انتصب حالا كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3338 - لمية موحشا طلل يلوح كأنه خلل



                                                                                                                                                                                                                                      ويدل على ذلك مجيئه صفة في الآية الأخرى، وهي قوله تعالى: "لتسلكوا منها سبلا فجاجا". قال الزمخشري: "فإن قلت: في الفجاج معنى الوصف، فما لها قدمت على السبل ولم تؤخر، كقوله تعالى: "لتسلكوا [ ص: 151 ] منها سبلا فجاجا"؟ قلت: لم تقدم وهي صفة ولكن جعلت حالا كقوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3339 - لعزة موحشا طلل قديم      . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .



                                                                                                                                                                                                                                      فإن قلت: ما الفرق بينهما من جهة المعنى؟ قلت: أحدهما إعلام بأنه جعل فيها طرقا واسعة. والثاني: أنه حين خلقها خلقها على تلك الصفة، فهو بيان لما أبهم ثمة".

                                                                                                                                                                                                                                      قال الشيخ: "يعني بالإبهام أن الوصف لا يلزم أن يكون الموصوف متصفا به حالة الإخبار عنه، وإن كان الأكثر قيامه به حالة الإخبار عنه. ألا ترى أنه يقال: مررت بوحشي القاتل حمزة، وحالة المرور لم يكن قائما به قتل حمزة".

                                                                                                                                                                                                                                      والفج: الطريق الواسع. والجمع: الفجاج.

                                                                                                                                                                                                                                      والضمير في "فيها" يجوز أن يعود على الأرض، وهو الظاهر كقوله: "والله جعل لكم الأرض بساطا لتسلكوا منها سبلا فجاجا" وأن يعود على الرواسي، يعني أنه جعل في الجبال طرقا واسعة.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 152 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية