الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 381 ] آ. (4) قوله : والذين يرمون المحصنات : كقوله: "الزانية والزاني فاجلدوا"، فيعود فيه ما تقدم بحاله. وقوله: "المحصنات" فيه وجهان أحدهما: أن المراد به النساء فقط، وإنما خصهن بالذكر; لأن قذفهن أشنع. والثاني: أن المراد بهن النساء والرجال، وعلى هذا فيقال: كيف غلب المؤنث على المذكر؟ والجواب: أنه صفة لشيء محذوف يعم الرجال والنساء، أي: الأنفس المحصنات وهو بعيد. أو تقول: ثم معطوف محذوف لفهم المعنى، والإجماع على أن حكمهم حكمهن أي: والمحصنين.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "بأربعة شهداء" العامة على إضافة اسم العدد للمعدود. وقرأ أبو زرعة وعبد الله بن مسلم بالتنوين في العدد، واستفصح الناس هذه القراءة حتى جاوز بعضهم الحد، كابن جني، ففضلها على قراءة العامة قال: "لأن المعدود متى كان صفة فالأجود الإتباع دون الإضافة. تقول: عندي ثلاثة ضاربون، ويضعف ثلاثة ضاربين" وهذا غلط، لأن الصفة التي جرت مجرى الأسماء تعطى حكمها فيضاف إليها العدد، و "شهداء" من ذلك; فإنه كثر حذف موصوفه. قال تعالى: "من كل أمة بشهيد" "واستشهدوا شهيدين". وتقول: عندي ثلاثة أعبد، وكل ذلك صفة في الأصل.

                                                                                                                                                                                                                                      ونقل ابن عطية عن سيبويه أنه لا يجيز تنوين العدد إلا في شعر، وليس [ ص: 382 ] كما نقله عنه، إنما قال سيبويه ذلك في الأسماء نحو: ثلاثة رجال، وأما الصفات ففيها التفصيل المتقدم.

                                                                                                                                                                                                                                      وفي "شهداء" على هذه القراءة ثلاثة أوجه. أحدها: أنه تمييز. وهذا فاسد; لأن من ثلاثة إلى عشرة يضاف لمميزه ليس إلا، وغير ذلك ضرورة. الثاني: أنه حال وهو ضعيف أيضا لمجيئها من النكرة من غير مخصص. الثالث: أنها مجرورة نعتا لأربعة، ولم ينصرف لألف التأنيث.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "وأولئك هم الفاسقون" يجوز أن تكون هذه الجملة مستأنفة. وهو الأظهر، وجوز أبو البقاء فيها أن تكون حالا.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية