الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (40) قوله : أنا آتيك : يجوز أن يكون فعلا مضارعا، فوزنه أفعل نحو: أضرب، والأصل أأتيك بهمزتين، فأبدلت الثانية ألفا، وأن يكون اسم فاعل، وزنه فاعل والألف زائدة، والهمزة أصلية عكس الأول. وأمال حمزة "آتيك" في الموضعين من هذه السورة بخلاف عن خلاد.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "طرفك": فيه وجهان، أحدهما: أنه الجفن. عبر به عن سرعة الأمر. وقال الزمخشري: "هو تحريك أجفانك إذا نظرت فوضع موضع النظر". والثاني: أنه بمعنى المطروف أي: الشيء الذي تنظره. والأول هو الظاهر; لأن الطرف قد وصف بالإرسال في قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3571 - وكنت متى أرسلت طرفك رائدا لقلبك يوما أتعبتك المناظر     رأيت الذي لا كله أنت قادر
                                                                                                                                                                                                                                      عليه ولا عن بعضه أنت صابر



                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 616 ] قوله: "مستقرا" حال لأن الرؤية بصرية. و "عنده" معمول له. لا يقال: إذا وقع الظرف حالا وجب حذف متعلقه فكيف ذكر هنا؟ لأن الاستقرار هنا ليس هو ذلك الحصول المطلق بل المراد به هنا الثابت الذي لا يتقلقل، قاله أبو البقاء. وقد جعله ابن عطية هو العامل في الظرف الذي كان يجب حذفه فقال: "وظهر العامل في الظرف من قوله "مستقرا" وهذا هو المقدر أبدا مع كل ظرف جاء هنا مظهرا، وليس في كتاب الله مثله". وما قاله أبو البقاء أحسن. على أنه قد ظهر العامل المطلق في قوله:


                                                                                                                                                                                                                                      3572 - . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .     فأنت لدى بحبوحة الهون كائن



                                                                                                                                                                                                                                      وقد تقدم ذلك محققا في أول الفاتحة، فعليك بالالتفات إليه.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "أأشكر" معلق "ليبلوني" و " أم " متصلة، وكذلك قوله "ننظر: أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون".

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "ومن شكر" "ومن كفر" يحتمل أن تكون "من" شرطية أو موصولة مضمنة معنى الشرط، فلذلك دخلت الفاء في الخبر. والظاهر: أن جواب الشرط الثاني أو خبر الموصول قوله: "فإن ربي غني كريم" ولا بد حينئذ من ضمير يعود على "من" تقديره: غني عن شكره. وقيل: الجواب محذوف تقديره: فإنما كفره عليه; لدلالة مقابله وهو قوله: "فإنما يشكر لنفسه" عليه.

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 617 ]

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية