الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      آ. (19) قوله : بما تقولون : هذه الجملة من كلام الله تعالى اتفاقا، فهي على إضمار القول والالتفات. قال الزمخشري: "هذه المفاجأة بالاحتجاج والإلزام حسنة رائعة، وخاصة إذا انضم إليها الالتفات وحذف القول. ونحوها قوله عز وجل: "يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير " وقول القائل:


                                                                                                                                                                                                                                      3478 - قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا ثم القفول فقد جئنا خرسانا



                                                                                                                                                                                                                                      انتهى. يريد: أن الأصل في الآية الكريمة: فقلنا: قد كذبوكم، وفي البيت فقلنا: قد جئنا. والخطاب في "كذبوكم" للكفار، فالمعنى: فقد كذبكم المعبودون بما تقولون من أنهم أضلوكم. وقيل: المعنى: فقد كذبوكم فيما تقولون من الافتراء عليهم أنهم أضلوكم وقيل: هو خطاب للمؤمنين في الدنيا أي: فقد كذبكم أيها المؤمنون الكفار بما تقولون من التوحيد في الدنيا.

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ أبو حيوة وقنبل في رواية ابن أبي الصلت عنه بالياء من تحت [ ص: 468 ] أي: فقد كذبكم الآلهة بما يقولون "سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ" إلى آخره. وقيل: المعنى: فقد كذبكم أيها المؤمنون الكفار بما يقولون من الافتراء عليكم.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "فما تستطيعون" قرأ حفص بتاء الخطاب والمراد عبادها. والباقون بياء الغيبة. والمراد الآلهة التي كانوا يعبدونها من عاقل وغيره; ولذلك غلب العاقل فجيء بواو الضمير.

                                                                                                                                                                                                                                      قوله: "نذقه" العامة بنون العظمة، وقرئ بالياء وفي الفاعل وجهان، أظهرهما: أنه الله تعالى لدلالة قراءة العامة على ذلك. والثاني: أنه ضمير الظلم المفهوم من الفعل. وفيه تجوز بإسناد إذاقة العذاب إلى سببها وهو الظلم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية