الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الثانية : قوله ( إذا قال : أنت طالق غدا ، أو يوم السبت ، أو في رجب طلقت بأول ذلك ) بلا نزاع ، ويجوز له الوطء قبل وقوعه ، ( وإن قال : أنت طالق اليوم ، أو في هذا الشهر : طلقت في الحال ) بلا خلاف أعلمه ، وكذا لو قال " أنت طالق في الحول " طلقت أيضا بأوله ، على الصحيح من المذهب ، قدمه في المستوعب ، والرعاية ، والفروع ، وغيرهم ، وعنه : لا يقع إلا في رأس الحول ، اختاره ابن أبي موسى ، قال في الفروع : وهو أظهر ، [ ص: 46 ] قوله ( فإن قال : أردته في آخر هذه الأوقات دين ) إذا قال : أنت طالق غدا ، أو يوم السبت وقال " أردت في آخر ذلك " فقطع المصنف هنا : أنه يدين ، وهو أحد الوجهين أو الروايتين ، ذكرهما في الرعايتين ، وجزم به في المغني ، والشرح ، والوجيز ، وشرح ابن منجا ، وقدمه في الرعايتين ، والحاوي الصغير ، قال في الفروع : والمنصوص أنه لا دين ، وقدمه في المحرر ، ومال إليه الناظم ، قلت : هذا المذهب ، وأطلقهما في الهداية ، والفروع ، وأما ما عدا هاتين المسألتين : فقطع المصنف أيضا أنه يدين ، وهو المذهب ، قال في الفروع : دين في الأصح ، قال في الرعاية الكبرى : دين في الأظهر ، قال في الحاوي : دين في أصح الوجهين ، وجزم به في المغني ، والشرح ، والرعاية الصغرى ، والوجيز ، والنظم ، وغيرهم ، وقيل : لا يدين ، وقدم في القواعد الأصولية : أنه لا يدين إذا قال " أنت طالق يوم كذا " وقال : أردت آخره . قوله ( وهل يقبل في الحكم ؟ يخرج على روايتين ) وأطلقهما في الرعايتين ، والحاوي فيما عدا المسألتين الأولتين ، وأطلقهما في شرح ابن منجا في الجميع ، وأطلقهما في الفروع في " أنت طالق اليوم أو غدا ، أو شهر كذا " ، أحدهما : يقبل ، وهو الصحيح من المذهب ، صححه في المغني ، والشرح ، والتصحيح النظم ، وابن أبي المجد في مصنفه ، واختاره ابن عبدوس في تذكرته [ ص: 47 ] والثانية : لا يقبل ، صححه في الخلاصة ، وجزم به في المنور ، قال في الوجيز : دين فيه ، وقدم في الرعايتين : أنه لا يقبل إذا قال " غدا أو يوم كذا " وجزم به في الحاوي الصغير .

فائدتان . إحداهما : قال في بدائع الفوائد : فائدة ما يقول الفقيه أيده الل هـ وما زال عنده إحسان     في فتى علق الطلاق بشهر
قبل ما قبل قبله رمضان في هذا البيت ثمانية أوجه : أحدها : هذا . والثاني : بعدما بعد بعده . والثالث : قبل ما بعد بعده . والرابع : بعدما قبل قبله ، فهذه أربعة متقابلة . الخامس : قبل ما بعد قبله . السادس : بعدما قبل بعده . السابع : بعدما بعد قبله . الثامن : قبل ما قبل بعده . وتلخيصها : أنك إن قدمت لفظة " بعد " جاء أربعة ، أحدها : أن كلها بعد . الثاني : بعدان وقبل . الثالث : قبلان وبعد . الرابع : بعدان بينهما قبل ، وإن قدمت لفظة " قبل " فكذلك ، [ ص: 48 ] وضابط الجواب عن الأقسام ، أنه إذا اتفقت الألفاظ ، فإن كانت " قبل " وقع الطلاق في الشهر الذي تقدمه رمضان بثلاثة شهور ، فهو ذو الحجة ، فكأنه قال " أنت طالق في ذي الحجة " لأن المعنى : أنت طالق في شهر رمضان قبل قبل قبله ، فلو كان رمضان قبله طلقت في شوال ، ولو قال " قبل قبله " طلقت في ذي القعدة ، وإن كانت الألفاظ كلها " بعد " طلقت في جمادى الآخرة ; لأن المعنى : أنت طالق في شهر يكون رمضان بعد بعد بعده ، ولو قال " رمضان بعده " طلقت في شعبان ، ولو قال " بعد بعده " طلقت في رجب .

وإن اختلفت الألفاظ وهي ست مسائل فضابطها : أن كل ما اجتمع فيه " قبل ، وبعد " فألغهما ، نحو " قبل بعده " و " بعد قبله " واعتبر الثالث ، فإذا قال " قبل ما بعد بعده " أو " بعدما قبل قبله " فألغ اللفظين الأولين ، يصير كأنه قال أولا " بعده رمضان " فيكون شعبان ، وفي الثاني : كأنه قال " قبله رمضان " فيكون شوالا ، وإن توسطت لفظة بين مضادين لها نحو " قبل بعد قبله " و " بعد قبل بعده " فألغ لفظين الأولين ، ويكون شوالا في الصورة الأولى ، كأنه قال : في شهر قبله رمضان ، وشعبان في الثانية ، كأنه قال " بعده " رمضان ، وإذا قال " بعد بعد قبله " أو " قبل قبل بعده " وهي تمام الثمانية طلقت في الأولى في شعبان ، كأنه قال : بعده رمضان ، وفي الثانية في شوال ، كأنه قال : قبله رمضان . انتهى .

التالي السابق


الخدمات العلمية