الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقوله ( وإن علق الزوج الطلاق بشرط : لم تطلق قبل وجوده ) [ ص: 60 ] هذا المذهب ، وعليه الأصحاب ، ( وعنه : تطلق ) مع تيقن وجود الشرط قبل وجوده ، وخص الشيخ تقي الدين رحمه الله هذه الراوية بالثلاث ، لأنه الذي يضره كمتعة . تنبيه : في قوله " لم تطلق قبل وجودها " إشعار بأن الشرط ممكن ، وهو كذلك ، فأما ما يستحيل وجوده فيذكر في أماكنه ، وقد تقدم في أثناء الباب الذي قبله ، ومفهوم كلامه : أن الطلاق يقع بوجود شرطه ، وهو صحيح ، ونص عليه ، وليس فيه بحمد الله خلاف . قوله ( فإن قال : عجلت ما علقته لم يتعجل ) ، هذا المذهب ; لأنه علقه ، فلم يملك تغييره ، وعليه الأصحاب ، وجزم به في الوجيز وغيره ، وقدمه في الفروع وغيره ، وقيل : يتعجل إذا عجله ، وهو ظاهر بحث الشيخ تقي الدين رحمه الله ، فإنه قال : فيما قاله جمهور الأصحاب نظر ، وأطلقهما في البلغة ، قال في الفروع : ويتوجه مثله دين .

فائدتان . إحداهما : إذا علق الطلاق على شرط : لزم ، وليس له إبطاله ، هذا المذهب ، وعليه والأصحاب قاطبة ، وقطعوا به ، وذكر في الانتصار والواضح رواية بجواز فسخ العتق المعلق على شرط ، قال في الفروع : ويتوجه ذلك في طلاق ، ذكره في باب التدبير ، قلت : وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله أيضا : لو قال " إن أعطيتيني " [ ص: 61 ] أو " إذا أعطيتيني " أو " متى أعطيتيني ألفا فأنت طالق " أن الشرط ليس بلازم من جهته ، كالكتابة عنده ، قال في الفروع : ووافق الشيخ تقي الدين رحمه الله على شرط محض ، ك " إن قدم زيد فأنت طالق " ، قال الشيخ تقي الدين رحمه الله : التعليق الذي يقصد به إيقاع الجزاء إن كان معاوضة فهو معاوضة ، ثم إن كانت لازمة فلازم ، وإلا فلا يلزم الخلع قبل القبول ولا الكناية ، وقول من قال " التعليق لازم " دعوى مجردة . انتهى . وتقدم ذلك ، أيضا في أثناء باب الخلع . الثانية : لو فصل بين الشرط وحكمه بكلام منتظم ، نحو " أنت طالق يا زانية إن قمت " لم يضر ذلك ، على الصحيح من المذهب ، وقيل : يقطعه ، كسكتة وتسبيحة ، وهو احتمال للقاضي . قوله ( وإن قال : أنت طالق ، ثم قال : أردت إن قمت ، دين ، ولم يقبل في الحكم ، نص عليه ) وهو المذهب ، نص عليه ، وجزم به في الوجيز ، وشرح ابن منجا ، وقدمه في المغني ، والشرح ، والمحرر ، قال في الهداية ، والكافي ، والنظم : يخرج على روايتين ، قلت : صرح في المستوعب أن فيها روايتين ، وأطلقهما هو وصاحب المذهب ، ولكن حكاهما وجهين ، وقدم هذه الطريقة في الفروع ، وأطلق الخلاف ، وقال وقيل : لا يقبل . انتهى . وهذه طريقة المصنف وغيره ، وتقدم نظير ذلك في أول " باب صريح الطلاق وكنايته " إذا قال لها : [ ص: 62 ] أنت طالق " ثم قال " أردت من وثاق " أو " أن أقول : طاهر فسبق لساني " أو " أنها مطلقة من زوج كان قبله " .

التالي السابق


الخدمات العلمية