الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله في تعليقه بالحيض ( إذا قال : إذا حضت فأنت طالق طلقت بأول الحيض ) يعني : تطلق من حين ترى دم الحيض ، وهذا المذهب ، نص عليه في رواية مهنا ، قال في الوجيز وغيره : طلقت بأول حيض متيقن ، وجزم به في الخلاصة ، والمغني ، والمحرر ، والشرح ، والنظم ، وتذكرة ابن عبدوس ، والمنور ، وغيرهم ، وقدمه في الفروع ، قال في المحرر : طلقت بأول الحيضة المستقبلة ، وقال في الانتصار ، والفنون ، والترغيب ، والبلغة ، والرعايتين : تطلق بتبينه بمضي أقله ، قال في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب : طلقت بأول جزء تراه من الدم في الظاهر ، فإذا اتصل الدم أقل الحيض : استقر وقوعه .

تنبيه : ظاهر قوله ( وإن قال : إذا حضت حيضة فأنت طالق : لم تطلق حتى تحيض ثم تطهر ) ، أنه لا يشترط في وقوع الطلاق غسلها ، بل مجرد ما تطهر تطلق ، وهو المذهب وعليه أكثر الأصحاب ، وصححه في النظم ، وقدمه في المحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع ، وقيل : لا تطلق حتى تغتسل ، ذكره ابن عقيل رواية من أول حيضة مستقبلة [ ص: 72 ] قوله ( وإن قال : إذا حضت نصف حيضة فأنت طالق ) ، احتمل أن تعتبر نصف عادتها ، وجزم به في الوجيز ، وتذكرة ابن عبدوس ، والمنور ، وقدمه في المغني ، والشرح ، وصححه . ( واحتمل أنها متى طهرت تبينا وقوع الطلاق في نصفها ) وهو المذهب ، قدمه في المحرر ، والنظم ، والفروع ، ( واحتمل أن يلغو قوله " نصف حيضة " ) فيصير كقوله " إن حضت " ، وحكي هذا عن القاضي ، وهو احتمال في الهداية ، وقدمه في الخلاصة ، فيتعلق طلاقها بأول الدم ، وقيل : يلغو النصف ، ويصير كقوله " إن حضت حيضة " ، وقيل : إذا حاضت سبعة أيام ونصفا : طلقت ، اختاره القاضي ، وقدمه في الرعايتين ، وأطلق الأول ، وهذا في الفروع ، فقال : إذا قال " إذا حضت نصف حيضة ، فأنت طالق " فمضت حيضة مستقرة ، وقع لنصفها ، وفي وقوعه ظاهرا بمضي سبعة أيام ونصف أو لنصف العادة فيه وجهان .

قوله ( وإن قال : إذا طهرت فأنت طالق : طلقت إذا انقطع الدم ) ، وهذا المذهب ، نص عليه في رواية إبراهيم الحربي ، وعليه جماهير الأصحاب وجزم به في المحرر ، والوجيز ، والمنور ، وغيرهم ، وقدمه في المغني ، والشرح ، والفروع ، وغيرهم ، وذكر أبو بكر في التنبيه قولا : لا تطلق حتى تغتسل . قوله ( وإذا قالت : حضت وكذبها : قبل قولها في نفسها ) ، [ ص: 73 ] هذا المذهب ، وعليه جماهير الأصحاب ، قال المصنف ، والشارح ، وغيرهما : هذا ظاهر المذهب ، وجزم به في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والخلاصة ، والعمدة ، والمحرر ، والوجيز ، وغيرهم ، وقدمه في المغني ، والشرح ، والرعايتين ، وعنه : لا يقبل قولها ، فتعتبر البينة ، فيختبرنها بإدخال قطنة في الفرج زمن دعواها الحيض ، فإن ظهر دم : فهي حائض ، اختاره أبو بكر .

قلت : وهو الصواب إن أمكن ; لأنه يمكن التوصل إلى معرفته من غيرها ، فلم يقبل فيه مجرد قولها كدخول الدار ، فعلى المذهب : هل تستحلف ؟ فيه وجهان ، وأطلقهما في المغني ، والشرح ، وشرح ابن رزين ، والفروع ، وغيرهم ، يأتيان في باب اليمين في الدعاوى . قوله ( وإن قال : وإن حضت فأنت وضرتك طالقتان ، فقالت : قد حضت ، وكذبها : طلقت دون ضرتها ) هذا المذهب ، جزم به في الخلاصة ، والمغني ، والشرح ، والوجيز ، وقدمه في الهداية ، والمذهب ، والمستوعب ، والمحرر ، والرعايتين ، والحاوي الصغير ، والفروع وغيرهم ، وعنه : لا تطلق إلا ببينة ، كالضرة ، فتختبر كما تقدم ، واختاره أبو بكر ، وهو المختار إن أمكن ، لكن قال في الهداية : لا عمل عليه ، وعنه : إن أخرجت على خرقة دما : طلقت الضرة ، اختاره في التبصرة ، وحكاه عنه القاضي ، والخلاف في يمينها كالخلاف المتقدم في التي قبلها .

تنبيه : قوله في آخر الفصل فيما إذا قال ( " كلما حاضت إحداكن فضرائرها طوالق " فقلن " قد حضنا " وصدقهن ) ( : طلقهن ثلاثا ثلاثا ) ، [ ص: 74 ] وإن صدق واحدة : لم تطلق ، وطلقت ضراتها طلقة طلقة ، وإن صدق اثنتين : طلقت كل واحدة منهما طلقة ، وطلقت المكذبتان طلقتين بلا نزاع ، وإن صدق ثلاثا : طلقت المكذبة ثلاثا بلا نزاع أيضا ، وتطلق أيضا كل واحدة من المصدقات طلقتين طلقتين .

التالي السابق


الخدمات العلمية