الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3319 - "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ؛ فإن صلة الرحم محبة في الأهل؛ مثراة في المال؛ منسأة في الأثر"؛ (حم ت ك)؛ عن أبي هريرة ؛ (صح) .

التالي السابق


( تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ) ؛ أي: مقدارا تعرفون به أقاربكم؛ لتصلوها؛ فتعليم النسب مندوب لمثل هذا؛ وقد يجب إن توقف عليه واجب؛ (فإن صلة الرحم محبة) ؛ "مفعلة"؛ من "الحب"؛ كـ "مظنة"؛ من "الظن"؛ (في الأهل؛ مثراة) ؛ بفتح؛ فسكون؛ "مفعلة"؛ من "الثري"؛ أي: الكثرة؛ (في المال) ؛ أي: سبب لكثرته؛ (منسأة في الأثر) ؛ "مفعلة"؛ من "النسء"؛ في العمر؛ أي: مظنة لتأخيره؛ وقيل: دوام استمرار في النسل؛ والمعنى أن يمن الصلة يفضي إلى ذلك؛ ذكره البيضاوي ؛ وسمى الأجل "أثرا"؛ لأنه يتبع العمر؛ قال في العارضة: أما المحبة؛ فالإحسان إليهم؛ وأما النسء في الأثر؛ فيتمادى الثناء عليه؛ وطيب الذكر الباقي له؛ وهذا لا يناقضه ما في الخبر الآتي: "علم النسب علم لا ينفع؛ وجهالة لا تضر" ؛ لأن محل النهي إنما هو التوغل فيه؛ والاسترسال؛ بحيث ينتقل به عما هو أهم منه؛ كما يفيده قوله: "وجهالة لا تضر"؛ أما علم ما يعرف به النسب بقدر ما يوصل به الرحم؛ فمحبوب؛ مطلوب للشارع؛ كما يوضحه؛ بل يصرح به خبر ابن زنجويه ؛ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - يرفعه: "تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم؛ ثم انتهوا؛ وتعلموا من العربية ما تعرفون به كتاب الله؛ ثم انتهوا" ؛ فتأمل قوله: "ثم انتهوا"؛ تجده صريحا فيما قررته؛ قال ابن حزم في كتاب النسب: من علم النسب ما هو فرض عين؛ ومنه ما هو فرض كفاية؛ ومنه مستحب؛ فمن ذلك: يعلم أن محمدا - رسول الله – هو ابن عبد الله؛ الهاشمي ؛ فمن ادعى أنه غير هاشمي كفر؛ وأن يعلم أن الخليفة من قريش ؛ وأن يعرف من يلقاه بنسب في رحم محرمة؛ ليجتنب تزويج ما يحرم عليه منهم؛ وأن يعرف من يتصل به ممن يرثه؛ أو يجب بره؛ من صلة؛ أو نفقة؛ أو معاونة؛ وأن يعرف أمهات المؤمنين؛ وأن نكاحهن حرام؛ وأن يعرف الصحابة؛ وأن حبهم مطلوب؛ ويعرف الأنصار ؛ ليحسن إليهم؛ لثبوت الوصية بذلك؛ ولأن حبهم إيمان؛ وبغضهم نفاق؛ ومن الفقهاء من يفرق في الحرية والاسترقاق بين العرب؛ والعجم؛ فحاجته إلى علم النسب آكد؛ ومن يفرق بين نصارى بني تغلب ؛ وغيرهم؛ في الجزية؛ وتضعيف الصدقة؛ وما فرض عليهم عمر الديوان إلا على القبائل؛ ولولا علم النسب؛ ما تخلص له ذلك؛ وتبعه علي؛ وعثمان ؛ وغيرهما؛ أهـ؛ وقال ابن عبد البر : لعمري؛ لم ينصف من زعم أن علم النسب علم لا ينفع؛ وجهل لا يضر؛ أهـ؛ وكأنه لم يطلع على كونه حديثا؛ أو رأى فيه قادحا يقتضي الرد.

(حم ت) ؛ في البر والصلة؛ (ك) ؛ في البر؛ (عن أبي هريرة ) ؛ قال الحاكم : صحيح؛ وأقره الذهبي ؛ وقال الهيثمي : رجال أحمد قد وثقوا؛ قال ابن حجر : لهذا الحديث طرق؛ أقواها ما خرجه الطبراني من حديث العلاء بن خارجة ؛ وجاء هذا عن عمر أيضا؛ ساقه ابن حزم بإسناد رجاله موثقون؛ إلا أن فيه انقطاعا.




الخدمات العلمية