الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3020 - "أي إخواني؛ لمثل هذا اليوم فأعدوا" ؛ (حم هـ)؛ عن البراء ؛ (ح) .

التالي السابق


(أي إخواني؛ لمثل هذا اليوم فأعدوا) ؛ أي: لمثل نزول أحدكم قبره؛ فليعد ؛ وكان - صلى الله عليه وسلم - واقفا على شفير قبر؛ وبكى حتى بل الثرى؛ وإذا كان هذا حال ذاك الجناب الأفخم؛ فكيف حال أمثالنا؟ والعجب كل العجب من غفلة من لحظاته معدودة؛ وأنفاسه محدودة؛ فمطايا الليل والنهار تسرع إليه؛ ولا يتفكر إلى أن يحمل ويسار به أعظم من سير البريد؛ ولا يدري إلى أي الدارين ينقل؛ فإذا نزل به الموت؛ قلق لخراب ذاته؛ وذهاب لذاته؛ لما سبق من جناياته؛ وسلف من تفريطاته؛ حيث لم يقدم لحياته؛ وفيه ندب تذكير الغافل؛ خصوصا الإخوان؛ ومثلهم الأقارب؛ لأن الغفلة من طبع البشر؛ وينبغي للمرء أن يتفقد نفسه؛ ومن يحبه؛ بالتذكير؛ ولله در حسان - رضي الله عنه - حيث يقول:


تخير خليلا من فعالك إنما ... قرين الفتى في القبر ما كان يفعل

(تتمة) :

حضر الحسن البصري جنازة امرأة الفرزدق ؛ وقد اعتم بعمامة سوداء؛ أسدلها بين كتفيه؛ واجتمع الناس عليه ينظرون إليه؛ فجاء الفرزدق ؛ فقام بين يديه؛ فقال: يا أبا سعيد ؛ يزعم الناس أنه اجتمع هنا خير الناس؛ وشر الناس؛ فقال: من خيرهم؟ ومن شرهم؟ قال: يزعمون أنك خيرهم؛ وأني شرهم؛ قال: ما أنا بخيرهم؛ ولا أنت بشرهم؛ لكن؛ ما أعددت لهذا اليوم؟ قال: شهادة أن لا إله إلا الله؛ منذ سبعين سنة؛ قال: نعم والله العدة! ثم قال الفرزدق :


أخاف وراء القبر إن لم يعافني أشد من القبر التهابا وأضيقا
إذا جاءني يوم القيامة قائد عنيف وسواق يسوق الفرزدقا

[ ص: 164 ] (حم هـ؛ عن البراء ) ؛ ابن عازب ؛ قال: كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - في جنازة؛ فجلس على شفير قبر؛ فبكى ؛ ثم ذكره؛ قال المنذري - بعدما عزاه لابن ماجه -: إسناده حسن؛ وفيه محمد بن مالك؛ أبو المغيرة ؛ قال في الميزان: قال ابن حبان : لا يحتج به؛ ثم أورد له هذا الخبر.




الخدمات العلمية