الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3032 - "الأبدال في هذه الأمة ثلاثون رجلا؛ قلوبهم على قلب إبراهيم ؛ خليل الرحمن ؛ كلما مات رجل؛ أبدل الله مكانه رجلا"؛ (حم)؛ عن عبادة بن الصامت ؛ (صح) .

التالي السابق


( الأبدال ) ؛ بفتح الهمزة؛ جمع "بدل"؛ بفتحتين؛ خصهم الله (تعالى) بصفات؛ منها أنهم ساكنون إلى الله بلا حركة؛ ومنها حسن أخلاقهم؛ (في هذه الأمة؛ ثلاثون رجلا) ؛ قيل: سموا "أبدالا"؛ لأنهم إذا غابوا تبدل في محلهم صور روحانية تخلفهم؛ (قلوبهم على قلب إبراهيم؛ خليل الرحمن ) - عليه السلام -؛ أي: انفتح لهم طريق إلى الله (تعالى)؛ على طريق إبراهيم - عليه السلام -؛ وفي رواية: "قلوبهم على قلب رجل واحد" ؛ قال الحكيم : إنما صارت هكذا لأن القلوب لهت عن كل شيء سواه؛ فتعلقت بتعلق واحد؛ فهي كقلب واحد؛ قال في الفتوحات: قوله هنا: "على قلب إبراهيم "؛ وقوله في خبر آخر: "على قلب آدم "؛ وكذا قوله في غير هؤلاء ممن هو على قلب شخص من أكابر البشر؛ أو من الملائكة؛ معناه أنهم يتقلبون في المعارف الإلهية بقلب ذلك الشخص؛ إذ كانت واردات العلوم الإلهية إنما ترد على القلوب؛ فكل علم يرد على القلب؛ ذلك الكبير؛ من ملك؛ أو رسول؛ يرد على هذه القلوب التي هي على قلبه؛ وربما يقول بعضهم: "فلان على قدم فلان"؛ ومعناه ما ذكر؛ وقال القيصري الرومي عن العارف ابن عربي : إنما قال: "على قلب إبراهيم"- عليه السلام -؛ لأن الولاية مطلقة؛ ومقيدة؛ والمطلقة هي الولاية الكلية؛ التي جميع الولايات الجزئية أفرادها؛ والمقيدة تلك الأفراد؛ وكل من الجزئية؛ والكلية؛ تطلب ظهورها؛ [ ص: 168 ] والأنبياء قد ظهر في هذه الأمة جميع ولاياتهم على سبيل الإرث منهم؛ فلهذا قال هنا: "على قلب إبراهيم"- عليه السلام -؛ وفي حديث آخر: "على قلب موسى"- عليه السلام -؛ و"فلان"؛ و"فلان"؛ ونبينا محمد - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - صاحب الولاية الكلية؛ من حيث إنه صاحب دائرة الولاية الكلية؛ لأن باطن تلك النبوية الكلية الولاية المطلقة للكلية؛ ولما كان لولاية كل من الأنبياء في هذه الأمة مظهرا؛ كان من ظرائف الأنبياء أن يكون في هذه الأمة من هو على قلب واحد من الأنبياء؛ (كلما مات رجل) ؛ منهم؛ (أبدل الله مكانه رجلا) ؛ فلذلك سموا "أبدالا"؛ أو لأنهم أبدلوا أخلاقهم السيئة؛ وراضوا أنفسهم؛ حتى صارت محاسن أخلاقهم حلية أعمالهم؛ وظاهر كلام أهل الحقيقة أن الثلاثين مراتبهم مختلفة؛ قال العارف المرسي : جلت في الملكوت؛ فرأيت أبا مدين معلقا بساق العرش - رجل أشقر أزرق العين - فقلت له: ما علومك ومقامك؟ قال: علومي أحد وسبعون علما؛ ومقامي رابع الخلفاء؛ ورأس الأبدال السبعة؛ قلت: فالشاذلي ؟ قال: ذاك بحر لا يحاط به؛ وقال العارف المرسي : كنت جالسا بين يدي أستاذي الشاذلي ؛ فدخل عليه جماعة؛ فقال: هؤلاء أبدال؛ فنظرت ببصيرتي؛ فلم أرهم أبدالا؛ فتحيرت؛ فقال الشيخ: من بدلت سيئاته حسنات؛ فهو بدل؛ فعلمت أنه أول مراتب البدلية؛ وأخرج ابن عساكر أن ابن المثنى سأل أحمد بن حنبل : ما تقول في بشر الحافي بن الحارث ؟ قال: رابع سبعة من الأبدال.

(حم؛ عن عبادة بن الصامت ) ؛ قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح؛ غير عبد الواحد بن قيس ؛ وقد وثقه العجلي ؛ وأبو زرعة ؛ وضعفه غيرهما.




الخدمات العلمية