الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3231 - "تبسمك في وجه أخيك لك صدقة؛ وأمرك بالمعروف؛ ونهيك عن المنكر صدقة ؛ وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة؛ وإماطتك الحجر والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة؛ وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة"؛ (خد ت حب)؛ عن أبي ذر ؛ (ض) .

التالي السابق


( تبسمك في وجه أخيك) ؛ أي: في الإسلام؛ (لك صدقة ) ؛ يعني: إظهارك له البشاشة والبشر؛ إذا لقيته؛ تؤجر عليه؛ كما تؤجر على الصدقة؛ قال بعض العارفين: التبسم والبشر؛ من آثار أنوار القلب؛ وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة ؛ قال ابن عيينة : والبشاشة مصيدة المودة؛ والبر شيء هين؛ وجه طليق؛ وكلام لين؛ وفيه رد على العالم الذي يصعر خده للناس؛ كأنه معرض عنهم؛ وعلى العابد الذي يعبس وجهه ويقطب جبينه؛ كأنه منزه عن الناس؛ مستقذر لهم؛ أو غضبان عليهم؛ قال الغزالي : ولا يعلم المسكين أن الورع ليس في الجبهة؛ حتى يقطب؛ ولا في الوجه حتى يعفر؛ ولا في الخد حتى يصعر؛ ولا في الظهر حتى ينحني؛ ولا في الذيل حتى يضم؛ إنما الورع في القلب؛ (وأمرك بالمعروف ) ؛ أي: بما عرفه الشرع وحسنه؛ (ونهيك عن المنكر) ؛ أي: ما أنكره وقبحه؛ (صدقة) ؛ بالمعنى المقرر؛ ( وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة) ؛ بالمعنى المذكور؛ وهكذا اقتصر عليه المؤلف؛ وقد سقط من قلمه خصلة ثابتة في الترمذي وغيره؛ وهي قوله: [ ص: 227 ] "وبصرك [للرجل الرديء البصر لك صدقة"؛] تبصيرك؛ فأوقع الاسم موقع المصدر؛ ( وإماطتك) ؛ تنحيتك؛ (الحجر والشوك والعظم عن الطريق ) ؛ أي: المسلوك؛ أو المتوقع السلوك؛ فيما يظهر؛ (لك صدقة؛ وإفراغك) ؛ أي: صبك؛ (من دلوك) ؛ بفتح؛ فسكون: واحد الدلاء التي يسقى منها؛ (في دلو أخيك) ؛ أي: في الإسلام؛ (لك صدقة) ؛ يشير بذلك كله إلى أن العزلة؛ وإن كانت فضيلة محبوبة؛ لكن لا ينبغي قطع المسلمين بالكلية ؛ فإن لهم عليك حقا؛ فاعتزلهم؛ لتسلم من شرهم؛ لكن لا تصر وحشيا نافرا؛ بل قم بحق الحق؛ والخلق؛ من البشاشة للمسلم؛ والأمر بالمعروف؛ والنهي عن المنكر؛ عند القدرة؛ وإكرام الضيف؛ وبذل السلام؛ وصلة الرحم؛ وإغاثة الملهوف؛ وإرشاد الضال؛ وإزالة الأذى؛ ونحو ذلك؛ لكن لا تكثر من عشرتهم؛ وراقب الله؛ وأعط كل ذي حق حقه؛ كذا قرره البعض؛ وقال ابن العربي : ذكر خصالا سبعا؛ الأولى: القلب؛ الثانية والثالثة: أمر بالمعروف؛ ونهي عن المنكر؛ وذلك صدقة على المأمور؛ والمنهي؛ من الآمر الناهي؛ الرابعة: إرشاد الضال في أرض الضلال؛ وهي عظمى؛ إذ فيه خلاص من هلاك نفس؛ كما أن في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خلاصا من تلف الدين؛ الخامسة: إرشادك الرجل... إلخ؛ وذلك بقود الأعمى إلى نحو ما يريد؛ ومثله من هدى رفاقا؛ يعني عرف طريقا في عمارة؛ فهو أيضا صدقة؛ وإن كان أقل من الأول؛ السادسة: إماطة الأذى عن الطريق؛ وهو أقل درجات الأعمال؛ ومع ذلك فأعظم بها من صدقة؛ فقد غفر الله لمن جر غصن شوك عن الطريق؛ السابعة: إفراغك من دلوك في دلو أخيك؛ سيما إذا لم يكن رشاء.

(خد ت حب) ؛ وكذا البزار ؛ (عن أبي ذر ) ؛ أورده في الميزان في ترجمة عكرمة ؛ عن عمار العجلي ؛ من حديثه؛ وقال: قال أبو حاتم : ثقة؛ ربما يوهم؛ وقال أحمد : ضعيف؛ وقال البخاري : لم يكن له كتاب؛ فاضطرب حديثه.




الخدمات العلمية