الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3042 - "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه فإنه يراك" ؛ (م 3)؛ عن عمر ؛ (حم ق هـ)؛ عن أبي هريرة ؛ (صح) .

التالي السابق


(الإحسان) ؛ أي: المذكور في نحو للذين أحسنوا الحسنى ؛ إن الله يحب المحسنين ؛ هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ؛ فـ "ال"؛ فيه للعهد الذهني؛ قيل: وحقيقته : سجية في النفس تحمل على مجازاة المسيء بجوائز المحسن؛ وقيل: هو معرفة الربوبية والعبودية معا؛ وقيل: إنفاق المعنى على العيان؛ والإحسان لمن أساء؛ كائنا من كان؛ وقيل: هو إتقان العبادة؛ بإيقاعها على وجهها؛ مع رعاية حق الحق؛ ومراقبته واستحضار عظمته ابتداء ودواما؛ وهو نحو أن أحدهما غالب عليه مشاهدة الحق؛ كما قال: (أن تعبد الله) ؛ من "عبد"؛ أطاع؛ و"التعبد": التنسك؛ و"العبودية": الخضوع والذلة؛ (كأنك تراه) ؛ بأن تتأدب في عبادته كأنك تنظر إليه؛ فجمع مع الإيجاز بيان المراقبة في كل حال؛ والإخلاص في سائر الأعمال ؛ والحث عليهما؛ بحيث لو فرض أنه عاين ربه؛ لم يترك شيئا من ممكنه؛ والثاني: من لا ينتهي إلى هذه الحال؛ لكن علم أن الحق مطلع عليه؛ ومشاهد له؛ وقد بينه بقوله: (فإن لم تكن تراه؛ فإنه يراك) ؛ أي: فإن لم ينته اليقين والحضور إلى هاتيك الرتبة؛ فإلى أن تحقق من نفسك [ ص: 172 ] أنك بمرأى منه - تقدس -؛ [فهو] لا يخفى عليه خافية؛ قائم على كل نفس بما كسبت؛ مشاهد لكل أحد من خلقه في حركته؛ وسكونه؛ فكما أنه لا يقصر في الحال الأول؛ لا يقصر في الحال الثاني؛ لاستوائهما بالنسبة إلى اطلاع الله؛ وقوله: "فإن لم..."؛ إلخ؛ تعليل لما قبله؛ فإن العبد إذا أمر بمراقبة الله في عبادته؛ واستحضار قربه منه؛ حتى كأنه يراه؛ شق عليه؛ فيستعين عليه بإيمانه بأن الله مطلع عليه؛ لا يخفى عليه منه شيء؛ يسهل عليه الانتقال إلى ذلك المقام الأكمل؛ الذي هو مقام الشهود الأكبر.

(م 3؛ عن عمر ) ؛ ابن الخطاب - رضي الله عنه -؛ (حم ق هـ؛ عن أبي هريرة ) ؛ وفي الباب عن غيره أيضا.




الخدمات العلمية