الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2913 - "إياكم والهوى؛ فإن الهوى يصم؛ ويعمي " ؛ السجزي ؛ في الإبانة؛ عن ابن عباس ؛ (صح) .

التالي السابق


(إياكم والهوى؛ فإن الهوى يصم ويعمي ) ؛ قال الحرالي : "الهوى": نزوع النفس إلى سفل شهواتها؛ مقابلة معتلى الروح؛ لمنبعث الانبساط؛ لأن النفس ثقيل الباطن؛ بمنزلة الماء والتراب؛ والروح خفيف الباطن؛ بمنزلة الهواء والنار؛ وكان العقل متسع الباطن؛ بمنزلة اتساع النور في كلية الكون؛ علوا؛ وسفلا؛ قاله الحرالي ؛ وقال القاضي : "الهوى": ميل النفس إلى ما تشتهيه؛ والمراد هنا: الاسترسال في الشهوات؛ ومطاوعة النفس في كل ما تريد؛ وسمي بذلك لأنه يهوي بصاحبه في الدنيا [ ص: 127 ] إلى الداهية؛ وفي الآخرة إلى الهاوية؛ قال العارف الجنيد : أرقت ليلة؛ وفقدت حلاوة وردي؛ ثم اضطجعت لأنام؛ فتمايلت حيطان البيت؛ وكاد السقف أن يسقط؛ فخرجت فإذا برجل ملتف بعباءة؛ مطروح في الطريق؛ فقال: إلي الساعة؛ قلت: من غير موعد؟! قال: بلى؛ سألت محرك القلوب أن يحرك قلبك؛ قلت: قد فعل؛ قال: متى يصير داء النفس دواءها؟! قلت: إذا خالف هواها؛ قال: يا نفس اسمعي؛ أجبتك به مرات؛ فأبيت إلا أن تسمعيه من الجنيد ؛ ثم انصرف؛ أهـ؛ وقال الماوردي : الهوى عن الخير صاد؛ وللعقل مضاد؛ ينتج من الأخلاق قبائحها؛ ويظهر من الأفعال فضائحها؛ ويجعل ستر المروءة مهتوكا؛ ومدخل الشر مسلوكا.

(السجزي) ؛ في كتاب؛ (الإبانة) ؛ عن أصول الديانة؛ (عن ابن عباس ) .




الخدمات العلمية