الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3858 - "الحلال ما أحل الله في كتابه؛ والحرام ما حرم الله في كتابه؛ وما سكت عنه فهو مما عفا عنه (ت هـ ك)؛ عن سلمان ؛ (صح) .

التالي السابق


( الحلال ما أحل الله في كتابه؛ والحرام ما حرم الله في كتابه ؛ وما سكت عنه) ؛ فلم ينص على حله؛ ولا حرمته؛ نصا جليا؛ ولا نصا خفيا؛ (فهو مما عفا عنه) ؛ أي: فيحل تناوله؛ وهذا قاله لما سئل عن الجبن؛ والسمن؛ والفراء؛ قال الحافظ الزين العراقي : فيه حجة للقائلين بأن الأصل في الأشياء قبل ورود الشرع الإباحة ؛ حتى يتبين التحريم أو الوجوب؛ وهي قاعدة من قواعد الأصول؛ لا يكتفى بهذا الحديث الضعيف في إثباتها.

(تنبيه) :

قال ابن العربي : القرآن هو الأصل؛ فإن كانت دلالته خفية؛ نظر في الجلي من السنة؛ فإن كانت الدلالة منها خفية؛ نظر فيما اتفق عليه الصحب؛ فإن اختلفوا رجح؛ فإن لم يوجد؛ عمل بما يشبه نص الكتاب؛ ثم السنة؛ ثم الاتفاق؛ ثم الراجح؛

(تنبيه آخر)؛

قال القونوي : الحل من لوازم الطهارة؛ والحرمة تتبع النجاسة؛ وكل من الحلال والحرام ينقسم ثلاثة أقسام؛ كانقسام الطهارة؛ والنجاسة؛ فالحلال التام الطاهر: كل ما لا ضرر فيه؛ من حيث مزاجه بالنسبة للإنسان؛ ولا يتعلق به حق لأحد؛ يستلزم توجه نفسه إليه؛ فإن لتوجهات النفوس إلى الأشياء على هذا الوجه خواص رديئة تسري في بدن الإنسان المباشر لذلك الشيء دون حق له فيه؛ أكلا كان أو لبسا أو مسكنا أو غيرها؛ وكلها نجاسات معنوية؛ الثاني: ما يستعمل من الأكل والشرب ونحوهما؛ يكون سليما من تعلقات أحكام النفوس؛ وخواصها؛ غير أنه لا يخلو في نفسه من حيث مزاجه؛ ومن حيث روحانيته؛ من خواص رديئة لا يلائم أكثر الناس؛ فأمثال هذه ليست في مقام الحل التام؛ وكذا في الملابس؛ إذا فصلت وخيطت في وقت رديء؛ اتصل بها خواص رديئة؛ وكذا ما ورد في الحديث من شؤم المرأة والدار والفرس؛ وشهد بصحته التجارب؛ فإن لها في بواطن أكثر الناس - بل وفي ظواهرهم - خواص مضرة تتعدى من المباشر إلى نفسه وأخلاقه وصفته؛ فتحدث نسبتها للقلوب والأرواح تلويثات؛ هي من قسم النجاسات المعنوية؛ وقد نبهت الشريعة على كراهيتها؛ دون الحكم عليها بالحرمة؛ [ ص: 426 ] الثالث: هو الطاهر صورة؛ النجس معنى؛ من حيث إنه حرام؛ كطعام؛ وشراب؛ ومسكن؛ ومشموم؛ ونحوها؛ وإذا علمت ذلك فاعلم أن لأحكام الحل والحرمة والنجاسة والطهارة امتزاجات على أنحاء؛ وغلبة ومغلوبية؛ بحسب قوة بعض الأحكام؛ ورجحانها؛ لقوة الكمال؛ أو الكثرة؛ أو هما معا؛ على غيرهما من الأحكام التي تقع معها الممازجة؛ وهذا هو القسم المشترك؛ فإنه لا بد من الامتزاجات من حصول هيئات متعلقة بها؛ متوحدة الكثرة لمزاج متحد؛ والحكم يترتب على تلك الامتزاجات بحسب الغلبة والمغلوبية؛ وتعقل المساواة بين قوى تلك الخواص وأحكامها؛ والقرب من المساواة هو مرتبة المكروه والمتشابه؛ المشار إليه في هذه الأحاديث؛ فندب الشارع إلى التورع في هذا القسم؛ تحرزا من حذر متوقع.

(ت هـ ك) ؛ في الأطعمة؛ (عن سلمان ) ؛ قال: سئل رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - عن السمن والجبن والفراء ؛ فذكره؛ قال الترمذي في العلل: سألت عنه محمدا - يعني البخاري -؛ فقال: ما أراه محفوظا؛ وقال الذهبي : فيه سيف بن هارون البرجمي ؛ ضعفه جمع؛ وقال الدارقطني : متروك.




الخدمات العلمية