الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3844 - "الحمى رائد الموت؛ وسجن الله في الأرض" ؛ ابن السني ؛ وأبو نعيم ؛ في الطب؛ عن أنس ؛ (ح) .

التالي السابق


(الحمى رائد الموت) ؛ أي: رسوله الذي يتقدمه؛ كما يتقدم الرائد قومه؛ فهي مشعرة بقدومه؛ فيستعد صاحبها له بالمبادرة إلى التوبة؛ والخروج من المظالم؛ والاستغفار؛ والصبر؛ وإعداد الزهد؛ وهذا المعنى لا ينافيه عدم استلزام كل حمى للموت؛ لأن الأمراض كلها من حيث هي مقدمات للموت؛ ومنذرات به؛ وإن أفضت إلى سلامة؛ جعلها الله تذكرة لابن آدم؛ [ ص: 421 ] يتذكر بها الموت؛ وقد خرج أبو نعيم عن مجاهد : "ما من مرض يمرضه العبد إلا رسول ملك الموت عنده؛ حتى إذا كان آخر مرض يمرضه أتاه ملك الموت ؛ فقال: أتاك رسول بعد رسول؛ فلم تعبأ به؛ وقد أتاك رسول يقطع أثرك من الدنيا" ؛ فوضح أن الأمراض كلها رسل للموت؛ بمعنى أنها مقدمات ومنذرات به ؛ إلى أن يجيء في وقته المقدر؛ فليس شيء من الأمراض موجبا للموت بذاته؛ (وسجن الله في الأرض) ؛ هذا قد تولى النبي شرحه في الحديث بعده: "ولا عطر بعد عروس" ؛ وهذا الحديث قد صار من الأمثال؛ وكان الحسن البصري يدخله في قصصه؛ ويقول: قال - صلى الله عليه وسلم -: "الدنيا سجن المؤمن؛ وجنة الكافر؛ فالمؤمن يتزود؛ والكافر يتمتع؛ والله إن أصبح مؤمن فيها إلا حزينا؛ وكيف لا يحزن من جاءه عن الله - عز وجل - أنه وارد جهنم؛ ولم يأته أنه صادر عنها" .

( ابن السني ؛ وأبو نعيم ) ؛ كلاهما؛ (في) ؛ كتاب؛ (الطب) ؛ النبوي؛ (عن أنس ) ؛ وكذا رواه القضاعي في الشهاب؛ ورواه العسكري ؛ وزاد بيان السبب؛ فقال: لما افتتح المصطفى - صلى الله عليه وسلم - خيبر ؛ وكانت مخضرة من الفواكه؛ فوقع الناس فيها؛ فأخذتهم الحمى؛ فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: "أيها الناس؛ الحمى رائد الموت؛ وسجن الله (تعالى) في الأرض؛ وقطعة من النار" .




الخدمات العلمية