الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
3361 - "تمام الرباط أربعون يوما؛ ومن رابط أربعين يوما؛ لم يبع؛ ولم يشتر ؛ ولم يحدث حدثا؛ خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه"؛ (طب)؛ عن أبي أمامة ؛ (ض) .

التالي السابق


(تمام الرباط) ؛ أي: المرابطة؛ يعني: مرابطة النفس بالإقامة على مجاهدتها ؛ لتستبدل أخلاقها الردية بالحميدة؛ قال الراغب : "المرابطة"؛ كالمحافظة؛ وهي ضربان: مرابطة في ثغور المسلمين؛ ومرابطة النفس؛ فإنها كمن أقيم في ثغر؛ وفوض إليه مراعاته؛ فيحتاج أن يراعيه غير مخل به؛ كالمجاهدة؛ بل هو الجهاد الأكبر؛ كما في الحديث الآتي؛ (أربعين يوما) ؛ لأنها مدة يصير المداومة فيها على الشيء خلقا؛ كالخلق الأصلي الغريزي؛ (ومن رابط أربعين يوما؛ لم يبع؛ ولم يشتر؛ ولم يحدث حدثا) ؛ أي: لم يفعل شيئا من الأمور الدنيوية؛ الغير الضرورية؛ والحاجية؛ أو غلق الباب؛ وهجر الأصحاب؛ وتجنب الأحباب؛ (خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) ؛ أي: بغير ذنب؛ قال البوني : أجمع السلف على أن حد الفتح الرباني؛ والكشف الوهباني؛ لا يصح لمن في معدته مثقال ذرة من طعام؛ وهو حد الصمدانية الجسمانية؛ والأشهر عندهم أنه لا يصح ولا يكون إلا بتمام الأربعين؛ كما اشترط الله على كليمه - عليه السلام -؛ وأشار بهذا الحديث؛ وذلك؛ لتطهر معدته من كثائف الأغذية؛ فتقوى روحانية روحه؛ ويصفو عقله؛ وقلبه؛ وليس في مراتب السالكين إلى الله (تعالى) في أطوار سلوك الاسم أقل من أربعة عشر يوما؛ ولا أقل لسالك مبادئ أسرار الصمدية من رياضة أربعة عشر؛ وأما من تحركت عليه آثار العادة في أسبوع؛ فقد ألزموه السبب؛ وأخرجوه من الخلوات؛ لعلمهم بخراب باطنه عن المرادات الربانية؛ إلى هنا كلامه.

(طب؛ عن أبي أمامة ) ؛ قال الهيثمي : فيه أيوب بن مدركة ؛ وهو متروك.




الخدمات العلمية