الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت ما تحمل به العبد من دين بإذن سيده . أين يكون ذلك أفي ذمته أم في رقبته ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إن كان تحمل لسيده فأفلس السيد أو مات ، بيع العبد إن طلب صاحب الدين دينه قبل السيد ، وإن رضي أن يترك السيد ويتبع العبد ، كان ذلك له في ذمة العبد . وإن كان إنما تحمل بالدين عن أجنبي بأمر السيد ; كان ذلك في ذمته ولا يكون ذلك في رقبته .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : هذا رأيي . وقال غيره : ليس ذلك كله ، وإنما يكون على العبد ما عجز عنه مال سيده ، فيكون في ذمته يتبع بذلك الدين حيث كان .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن أذن له السيد بذلك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ذلك جائز ; لأن ذلك معروف منهم ، والمعروف من العبيد والمكاتبين وأمهات الأولاد والمدبرين جائز ، إذا أذن لهم ساداتهم . وقال غيره : لا يجوز أن يجاز معروف المكاتب ; لأن ذلك داعية إلى رقه ، وليس له أن يرق نفسه بهبته ماله ، وليس ذلك لسيده .

                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : فإن تكفل هؤلاء لسيدهم ، أيجوز ذلك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، ذلك جائز عليهم ; لأن معروف هؤلاء جائز إذا أذن لهم سيدهم . فإن تكفلوا به فذلك جائز عليهم لأن ذلك بأمره .

                                                                                                                                                                                      قلت : ويجبرهم [ ص: 120 ] سيدهم على أن يتكفلوا به ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا ، ليس ذلك عليهم ، ولا يجبر أحد من هؤلاء على أن يتحمل به لا أن يرضوا بذلك ، وإن تكفلوا له على استكراه منهم لم يلزمهم .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية