الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت لو أن رجلا اشترى نخلا وفي النخل ثمر قد أزهى وحل بيعه ، فأتى رجل فاستحق نصف تلك النخل ؟ فقال : يأخذ نصف تلك النخل وما فيها من الثمرة ، ويرجع المشتري على البائع بنصف الثمن ويغرم المستحق للمشتري نصف قيمة [ ص: 237 ] ما عمل إن كان عالج شيئا في ذلك وسقى . قلت : فإن أراد أن يأخذ بالشفعة ، أيكون له أن يأخذ بالشفعة النخل والثمرة جميعا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ; لأن مالكا قال في قوم شركاء في ثمرة كان لهم الأصل أو كانت النخل في أيديهم مساقاة ، أو كانت نخلا حبسا على قوم فأثمرت هذه النخل وحل بيعها ، فباع أحد ممن سميت لك من أهل الحبس أو أحد من المساقين أو ممن كانت النخل بينهم ، فباع حصته من الثمرة ولم يبع الرقاب ، فإن شركاءه في الثمرة - كان لهم الأصل أو لم يكن لهم الأصل - يأخذون الذي باع شريكهم في الثمرة بالشفعة بما باع به ، فلذلك رأيت للمستحق أن يأخذ النخل والثمرة جميعا بالشفعة . وإن كانت الشفعة إنما هي بعدما أزهت الثمرة ، فله أن يأخذ بالشفعة ; لأن البائع لو باع الثمرة وحدها بغير أصل كان هذا الذي استحق نصف النخل شفيعا في الثمرة عند مالك ، ولذلك كان له هناك أن يأخذ النخل والثمرة .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك في الحائط إذا اشتراه رجل ولا ثمرة فيه ، ففلس مشتري الحائط وفيه ثمر قد طاب وحل بيعه : إن الثمرة لصاحب الحائط ما دامت في رءوس النخل وإن أزهت إلا أن يدفع إليه الثمن الغرماء .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية