الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      أوصى لرجل بثلث ماله فأخذ في وصيته ثلث دار فاستحق من يده بعد البناء قلت : فلو أوصى رجل لرجل بثلث ماله فأخذ في وصيته ثلث دور الميت فبنى ذلك ، ثم استحق ذلك من يديه مستحق ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يقال للمستحق ادفع قيمة بنيان هذا الموصى له أو خذ قيمة أرضك براحا .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن دفع إليه قيمة بنيانه وقد أنفق الموصى له في بنيانه أكثر من القيمة التي أخذ لأن أسواق البنيان حالت ، أيكون له أن يرجع بما خسر في قيمة البنيان على ورثة الميت لأنهم أعطوه في ثلثه ما ليس لهم فغروه ؟ قال : لا يكون له أن يرجع على ورثة الميت من ذلك بقليل ولا كثير .

                                                                                                                                                                                      قلت : فتنتقض القسمة فيما بينهم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم تنتقض القسمة في الدور ، ويقسمون ثانية ويأخذ الموصى له بالثلث ثلث دور الميت بعد الذي استحق .

                                                                                                                                                                                      قلت : وهذا قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : هذا مثل قول [ ص: 305 ] مالك في البيوع إلا أن تفوت الدور في يد الورثة ببيع أو بنيان ، فيرجع عليهم بالقيمة يوم قبضوا الدور بالقسم فيقتسمون القيمة بينهم على قدر الوصية والمواريث فيما بينهم .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن كانت الدور وقد فاتت في أيدي الورثة بهدم ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يقال للموصى له خذ ثلث هذه الدور مهدومة وثلث نقضها ، ولا يكون عليهم فيما نقض الهدم شيئا إلا أن يكونوا باعوا من النقض شيئا ، فيكون له ثلث ما باعوا به ولا يكون له عليهم شيء غير ذلك لا قيمة ولا غيرها لأن مالكا قال في رجل اشترى دارا فهدمها فاستحقها رجل ، فقال لي مالك : إن أحب مستحقها أن يأخذها مهدومة بحالها فذلك له ، وإن أبى كان له أن يتبع البائع بالثمن ، وليس له على المشتري قيمة ولا غيرها فيما تقدم .

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : وأنا أرى : إن كان هذا المشتري الذي هدم باع من نقضها شيئا فأراد المستحق أخذ الدار مهدومة ، كان له ثمن الذي باعه المشتري لأنه ثمن شيئه .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية