الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : وما بلغ من جراحات الوالد ابنه الثلث ، حملته العاقلة مغلظة ، وما لم يبلغ الثلث في مال الوالد مغلظا على الوالد ؟ قال : لا أرى أن تحمله العاقلة على حال ، وأراه في مال الوالد ، ولا تحمل العاقلة منه شيئا ، فإن كان أكثر من ثلث الدية فهو في مال الأب مغلظا على الوالد . قلت : ولا يرث الأب من ديته شيئا في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم ، ألا ترى أن عمر بن الخطاب قال : أين أخو المقتول ؟ فدفع إليه الدية دون الوالد . قلت : أفيرث من ماله وقد قتله بحال ما فعل المدلجي بابنه ؟

                                                                                                                                                                                      قال ابن القاسم : أرى أن لا يرث من ماله قليلا ولا كثيرا ، لأنه من العمد وليس من الخطأ . ولو كان من الخطأ لحملته العاقلة ، وهو مما لو كان من غيره لم يرث من ماله ، فهو والأجنبيون في الميراث سواء ، وإن صرف عنه القود والأب ليس كغيره في القود . ولقد قال ناس : وإن عمد للقتل فلا يقتل ، فهذا يدلك على هذا . ولو أن رجلا عمد لقتل ابنه فذبحه ذبحا ليس مثل ما صنع المدلجي ، أو والدة فعلت ذلك بولدها متعمدة لذبحه ، أو لتشق بطنه مما يعلم الناس أنها تعمدت للقتل نفسه لا شك في ذلك ، فأرى في ذلك القود ، يقتلان به إذا كان كذلك إلا أن يعفو من له العفو [ ص: 560 ] والقيام بذلك . قلت : والوالدة في ولدها إذا صنعت ذلك مثل ما صنع المدلجي بابنه ، فهي في ذلك بمنزلة الوالد لا قود عليها والدية مغلظة في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم وهي أعظم حرمة .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية