الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن قتل رجلا عمدا وليس له ولي إلا ابنته وأخته . فقالت البنت : أنا أقتل وقالت الأخت : أنا أعفو . أو قالت الأخت : أنا أقتل . وقالت الابنة : أنا أعفو . وكيف إن كان هذا المقتول قد أكل وشرب وتكلم ، أيكون للأخت والبنت أن يقسما ويستحقا دمه ؟ فإن لم يكن لهما ذلك ، أيبطل دم هذا المقتول ؟ قال : أما إذا مات مكانه فقالت البنت : أنا أقتل . وقالت الأخت : أنا أعفو . فالبنت أولى بالقتل . وإن قالت البنت : أنا أعفو . وقالت الأخت : أنا أقتل . فالابنة أيضا بالعفو أولى ; لأن الأخت ليست بعصبة من الرجال . قال : وإنما كان هذا هكذا من قبل [ ص: 659 ] أن العصبة لا ميراث لهم هاهنا . وأما مسألتك فيه إذا أكل وشرب ثم مات ، فليس لهما أن يقسما لأن مالكا قال : لا يقسم النساء في العمد .

                                                                                                                                                                                      قلت : فيبطل دم هذا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : يقسم عصبته إن أحبوا فيقتلون .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن أقسم عصبته فقالت البنت : أنا أعفو ؟

                                                                                                                                                                                      قال : فليس ذلك لها ; لأن الدم إنما استحقه العصبة هاهنا .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن عفا العصبة وهم الذين استحقوا الدم وقالت الابنة : لا أعفو ؟ قال : فليس ذلك لهم ، ولا عفو إلا باجتماع منها ومنهم ، أو منها ومن بعضهم .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإن لم تكن له عصبة وكان رجلا من أهل الأرض ؟ قال : إن كان قتله خطأ أقسمت الأخت والابنة وأخذتا الدية ، وإن كان عمدا لم يقتل إلا ببينة .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية