الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن اجتمعت جماعة رجال على جراحات رجل خطأ ، فعاش بعد ذلك أياما فتكلم وأكل وشرب ثم مات ، فقالت الورثة : نحن نقسم على واحد منهم ونأخذ الدية من عاقلته ؟ قال : لم أسمع من مالك في هذا شيئا ولا أرى ذلك لهم ; لأنه لا يدرى أمن ضربة هذا مات أم من ضرب أصحابه ، فلا يكون لهم أن يقسموا على هذا وحده ; لأنه إن كان مات من ضربهم جميعهم فإنما الدية على جميعهم مفترقة في القبائل ، وإنما لهم أن يقسموا على جميعهم . وإنما قال لي مالك في الخطأ حين قلت له : كيف يقسمون في الخطأ . فقال : إنما يقسمون على جميعهم .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت العمد ، أليس قد قال مالك فيه : إنما يقسمون على واحد . وإن كان الذين ضربوه جماعة ؟ فما فرق ما بين العمد في هذا والخطأ ؟

                                                                                                                                                                                      قلت : في الخطأ لا يقسمون إلا على جميعهم . وقلت في العمد : لا يقسمون إلا على واحد . قال : لأنهم في العمد ، لو أقسموا على جميعهم لم يجب الدم على جميعهم . فهذا الذي قصدوا إليه ليقسموا عليه ، لا حجة له إن قال لا تقسموا علي دون أصحابي ; لأنه يقال له : لا منفعة لك هاهنا إن أقسموا على جماعتهم وجب لهم [ ص: 662 ] دمك . فأنت لا منفعة لك هاهنا ، فيكون لهم أن يقسموا عليه دون أصحابه . وفي الخطأ إن قصدوا قصد واحد ليقسموا عليه كانت له الحجة أن يمنعهم من ذلك ; لأنه يقول هذا الضرب منا جميعا . فالدية تجب له إذا مات من ضربنا في قبائلنا كلنا ، فليس لكم أن تقصدوا بالدية قصدي وقصد عاقلتي ، فهذا فرق ما بينهما .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية