الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      قلت : ما قول مالك في الإلداد ؟

                                                                                                                                                                                      قال : قال مالك : إذا كان له مال فاتهمه السلطان أن يكون غيبه قال مالك : أو مثل هؤلاء التجار الذين يأخذون أموال الناس فيقعدون عليها ، فيقولون : قد ذهبت منا ولا نعرف ذلك إلا بقولهم وهم في مواضعهم لا يعلم أنه سرق مالهم ولا احترق بيتهم ، أو مصيبة دخلت عليهم ولكنهم يقعدون على أموال الناس . فإن هؤلاء يحبسون حتى يوفوا الناس حقوقهم .

                                                                                                                                                                                      قلت : هل لحبس هؤلاء حد عند مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا ، ليس لحبس هؤلاء حد عند مالك ، ولكنه يحبسهم أبدا حتى يوفوا الناس حقوقهم ، أو يتبين للقاضي أنه لا مال لهم . فإذا تبين له أنهم لا مال لهم أخرجهم ولم يحبسهم .

                                                                                                                                                                                      قلت : فإذا أخرجهم من بعد ما تبين للقاضي إفلاسهم ، أيكون للطالب أن يلزمهم ويمنعهم من الخروج يبتغون من فضل الله ، ولا يفارقهم أو يوكل من يلزمهم في قول مالك ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ليس [ ص: 60 ] ذلك ، له عند مالك أن يلزمهم ، ولا يمنعهم من الخروج يبتغون من فضل الله ولا يوكل بهم من يلزمهم .

                                                                                                                                                                                      حدثنا سحنون عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر ، أن عمر بن عبد العزيز كان لا يسجن الحر في الدين يقول : يذهب فيسعى في دينه خير من أن يحبس . وإنما حقوقهم في مواضعها التي وضعوها فيها ، صادفت عدما أو ملاء . محمد بن عمرو عن عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي أن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب كانا يستحلفان المعسر الذي لا يعلم له مال ، وما أجد له قضاء في قرض ولا عرض ، ولئن وجدت له قضاء حيث لا تعلم لنقضينه . ابن وهب قال مالك : الأمر عندنا الذي لا اختلاف فيه ، أن الحر إذا أفلس لا يؤاجر ، لقول الله تبارك وتعالى : { وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } سورة البقرة .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية