الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 215 ] قال ( ويجوز وقف العقار ) لأن جماعة من الصحابة رضوان الله عليهم وقفوه

التالي السابق


( قوله ويجوز وقف العقار ) وهو الأرض مبنية كانت أو غير مبنية ويدخل البناء في وقف الأرض تبعا فيكون وقفا معها . وفي دخول الشجر في وقف الأرض روايتان ذكرهما في الخلاصة . وفي فتاوى قاضي خان : تدخل الأشجار والبناء في وقف الأرض كما تدخل في البيع ، ويدخل الشرب والطريق استحسانا ; لأن الأرض لا توقف إلا للاستغلال ، وذلك لا يكون إلا بالماء والطريق فيدخلان كما في الإجارة ، ولا تدخل الثمرة القائمة وقت الوقف سواء كانت مما تؤكل أو لا كالورد والرياحين ; ولو قال وقفتها بحقوقها وجميع ما فيها ومنها قال هلال : لا تدخل في الوقف أيضا ، ولكن في الاستحسان يلزم التصدق بها على وجه النذر ; لأنه لما قال صدقة موقوفة بجميع ما فيها ومنها فقد تكلم بما يوجب التصدق ، ولا تدخل الزروع كلها إلا ما كان له أصل لا يقطع في سنة . والحاصل أن كل شجر يقطع في سنة فهو للواقف ، وما لا يقطع في سنة فهو داخل في الوقف ; فيدخل في وقف الأرض أصول الباذنجان وقصب السكر ، ويدخل في وقف الحمام القدر وملقى سرقينه ورماده ، ولا يدخل مسيل ماء في أرض مملوكة أو طريق .

وقوله ( لأن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين وقفوه ) قدمنا ذكر جماعة من الرجال الصحابة ونسائهم وقفوا ، وأسانيدها مذكورة في وقف الخصاف . ومنها ما تقدم من وقف عمر رضي الله عنه أرضه ثمغ . وأخرج إبراهيم الحربي في كتابه غريب الحديث : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة : حدثنا حفص بن غياث عن هشام بن عروة عن أبيه : أن الزبير بن العوام رضي الله عنه وقف دارا له على المردودة من بناته . قال : والمردودة هي المطلقة والفاقدة التي مات زوجها . وفي البخاري : { وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضا وجعلها لابن السبيل صدقة } . وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي وهو حسن عندنا وسكت هو عليه عن عثمان بن الأرقم المخزومي أنه كان يقول : أنا ابن سبع الإسلام أسلم أبي سابع سبعة . وكانت داره على الصفا وهي التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون فيها في الإسلام ، وفيها دعا الناس إلى الإسلام فأسلم فيها خلق كثير منهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسميت دار الإسلام ، وتصدق بها الأرقم على ولده . وذكر أن نسخة صدقته : بسم الله الرحمن الرحيم الرحيم هذا ما قضى الأرقم ، إلى أن قال : لا تباع ولا تورث . وفي الخلافيات للبيهقي : قال أبو بكر عبد الله بن الزبير الحميدي : وتصدق أبو بكر رضي الله عنه بداره بمكة على ولده فهي إلى اليوم ، وتصدق عمر بربعه ، وتصدق سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه بداره بالمدينة وبداره بمصر على ولده فذلك إلى اليوم ، وعثمان رضي الله عنه برومة فهي إلى اليوم ، وعمرو بن العاص بالوهط من الطائف وداره بمكة والمدينة على ولده فذلك إلى اليوم .

قال : وما لا يحضرني كثير ، وهذا كله مما يستدل به على أبي حنيفة في عدم إجازته الوقف . [ فرع ]

إذا كانت الدار مشهورة معروفة صح وقفها وإن لم تحدد استغناء لشهرتها عن تحديدها . [ فرع آخر ]

وقف عقارا على مسجد أو مدرسة هيأ مكانا لبنائها قبل أن يبنيها اختلف المتأخرون والصحيح [ ص: 216 ] الجواز وتصرف غلتها إلى الفقراء إلى أن تبنى ، فإذا بنيت ردت إليها الغلة أخذا من الوقف على أولاد فلان ولا أولاد له حكموا بصحته ، وتصرف غلته للفقراء إلى أن يولد لفلان




الخدمات العلمية