الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 293 ] ( ويجوز بيع الحنطة في سنبلها والباقلاء في قشره ) وكذا الأرز والسمسم . وقال الشافعي رحمه الله : لا يجوز بيع الباقلاء الأخضر ، وكذا الجوز واللوز والفستق في قشره الأول عنده . وله في بيع السنبلة قولان ، وعندنا يجوز ذلك كله . له أن المعقود عليه مستور بما لا منفعة له فيه فأشبه تراب الصاغة إذا بيع بجنسه .

[ ص: 294 ] ولنا ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام { أنه نهى عن بيع النخل حتى يزهي ، وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة } ; ولأنه حب منتفع به فيجوز بيعه في سنبله كالشعير والجامع كونه مالا متقوما ، بخلاف تراب الصاغة ; لأنه إنما لا يجوز بيعه بجنسه لاحتمال الربا ، حتى لو باعه بخلاف جنسه جاز ، وفي مسألتنا لو باعه بجنسه لا يجوز أيضا لشبهة الربا ; لأنه لا يدري قدر ما في السنابل .

التالي السابق


( قوله ويجوز بيع الحنطة في سنبلها والباقلاء في قشره ، وكذا الأرز والسمسم . وقال الشافعي : لا يجوز بيع الباقلاء الأخضر ، وكذا الجوز واللوز والفستق في قشره الأول عنده . وله ) في بيع الحنطة ( في السنبل قولان ) ، وأجاز بيع الشعير والذرة في سنبلها ( وعندنا يجوز ذلك كله . وله أن المعقود عليه ) وهو المبيع ( مستور بما لا منفعة عليه ) فلا يجوز بيعه كتراب الصاغة إذا بيع بجنسه بجامع استتاره بما لا منفعة فيه ، والمعول في الاستدلال .

[ ص: 294 ] نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر ، وفي هذا غرر فإنه لا يدري قدر الحنطة الكائنة في السنابل ، والمبيع ما أريد به إلا الحب لا السنابل فرجع إلى جهالة قدر المبيع ، وألزم على هذا أن لا يجوز بيع اللوز ونحوه في قشره الثاني لكنه تركه للتعامل المتوارث ( ولنا ما روي { أنه عليه الصلاة والسلام نهى عن بيع النخل حتى يزهو وعن بيع السنبل حتى يبيض } ) رواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة .

ويقال زها النخل والثمر يزهو وأزهى يزهي لغة ، ففي الاشتقاق من الزهو لغتان . وأنكر الأصمعي الرباعية يزهي كما نقل الزمخشري عن الغير إنكار يزهو الثلاثية . لا يقال : أنتم لم تعملوا بصدر الحديث ; لأنا نقول : قد بينا أنا عاملون وأن الاتفاق على انحطاط النهي على بيعها بشرط الترك إلى الزهو وقد منعناه ; ولأنه مال متقوم معلوم ( فيجوز بيعه كالشعير في سنبله ) بخلاف بيعه بمثله في سنبل الحنطة لاحتمال الربا ، أما أنه مال متقوم فظاهر . وأما أنه معلوم ; فلأنه مشار إليه وبالإشارة كفاية في التعريف ، إذ المانع من رؤية عينها لا يخل بدرك قدره في الجهالة ، وليس معرفته على التحرير شرطا وإلا امتنع بيع الصبرة المشاهدة . وأورد المطالبة بالفرق بين ما إذا باع حب قطن في قطن بعينه أو نوى تمر في تمر بعينه أي باع ما في هذا القطن من الحب وما في هذا التمر من النوى فإنه لا يجوز مع أنه أيضا في غلافه . أشار أبو يوسف إلى الفرق بأن النوى هناك معتبر عدما هالكا في العرف ، فإنه يقال هذا تمر وقطن ولا يقال هذا نوى في تمره ولا حب في قطنه ويقال هذه حنطة في سنبلها وهذا لوز وفستق ولا يقال هذه قشور فيها لوز ولا يذهب إليه وهم ( بخلاف تراب الصاغة فإنه إنما لا يجوز بيعه بجنسه لاحتمال الربا ) حتى لو باع بخلاف جنسه جاز ، وبما ذكرنا يخرج الجواب عن امتناع بيع اللبن في الضرع واللحم والشحم في الشاة والألية والأكارع والجلد فيها والدقيق في الحنطة والزيت في الزيتون والعصير في العنب ، ونحو ذلك حيث لا يجوز ; لأن كل ذلك منعدم في العرف . لا يقال : هذا عصير وزيت في محله ، [ ص: 295 ] وكذا الباقي . واعلم أن الوجه يقتضي ثبوت الخيار للمشتري بعد الاستخراج في ذلك كله ; لأنه لم يره .




الخدمات العلمية