الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 363 - 365 ] ( قال : وإذا حدث عند المشتري عيب فاطلع على عيب كان عند البائع فله أن يرجع بالنقصان ولا يرد المبيع ) ; لأن في الرد إضرارا بالبائع ; لأنه خرج عن ملكه سالما ، ويعود معيبا فامتنع ، ولا بد من دفع الضرر عنه فتعين الرجوع بالنقصان إلا أن يرضى البائع أن يأخذه بعيبه ; لأنه رضي بالضرر . .

التالي السابق


( قوله وإذا حدث عند المشتري عيب ) بآفة سماوية أو غيرها ثم اطلع على عيب كان عند البائع فله أن يرجع بنقصان العيب وليس له أن يرد المبيع ; ( لأن الرد إضرار بالبائع ; لأنه خرج عن ملكه سالما ) فلو ألزمناه به معيبا تضرر ( ولا بد من دفع الضرر عن المشتري فتعين الرجوع بالنقصان إلا أن يرضى البائع أن يأخذه بعيبه ) الحادث عند المشتري فله ذلك ( لأنه رضي بالضرر ) وما كان عدم إلزامه المبيع إلا لدفع الضرر عنه ، فإذا رضي فقد أسقط حقه ، اللهم إلا أن يمتنع أخذه إياه لحق الشرع بأن كان [ ص: 366 ] المبيع عصيرا فتخمر عند المشتري ، ثم اطلع على عيب فإنه لو أراد البائع أن يأخذه بعيبه لا يمكن من ذلك لما فيه من تمليك الخمر وتمليكها ومنعهما من ذلك حق الشرع فلا يسقط بتراضيهما على إهداره ، كما لو تراضيا على بيع الخمر وشرائها .

فإن قيل : ينبغي أن يرجح جانب المشتري فيرجع بالنقصان ويرد المبيع ; لأن البائع دلس عليه فكان مغرورا من جهته ، أجيب بأن المعصية الصادرة عنه لا تمنع عصمة ماله ، كالغاصب إذا عمل في الثوب المغصوب الخياطة أو الصبغ بالحمرة ; لأن الظالم لا يظلم ، والضرر عن المشتري يندفع بإثبات حق الرجوع بحصة العيب ، فإن قيل : فقد تقدم أن الأوصاف لا حصة لها من الثمن بانفرادها ، أجيب بأنها اعتبرت أصولا ضرورة جبر حق المشتري وإلا يهدر كما صيرت أصولا بالقصد من إتلافهما ، وكل ما رجع بالنقصان فمعناه أن يقوم العبد بلا عيب ثم يقوم مع العيب وينظر إلى التفاوت ، فإن كان مقدار عشر القيمة رجع بعشر الثمن ، وإن كان أقل أو أكثر فعلى هذا الطريق ، ثم الرجوع بالنقصان إذا لم يمتنع الرد بفعل مضمون من جهة المشتري ، أما إذا كان بفعل من جهته كذلك كأن قتل المبيع أو باعه أو وهبه وسلمه أو أعتقه على مال أو كاتبه ثم اطلع على عيب فليس له حق الرجوع بالنقصان ، وكذا إذا قتل عند المشتري خطأ لما وصل البدل إليه صار كأنه ملكه من القاتل بالبدل ، فكان كما لو باعه ثم اطلع على عيب لم يكن له حق الرجوع ، ولو امتنع الرد بفعل غير مضمون له أن يرجع بالنقصان ولا يرد المبيع .

[ فرع ]

لا يرجع بالنقصان إذا أبق العبد ما دام حيا عند أبي حنيفة ، وبه قال الشافعي : لأن الرد موهوم فلا يصار خلفه وهو الرجوع بالنقصان إلا عند الإياس من الأصل : وعند أبي يوسف يرجع لتحقق العجز في الحال والرد موهوم




الخدمات العلمية