الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولا يمنع صيد سمك ، وإن من ملكه وهل في أرض العنوة فقط ؟ أو إلا أن يصيد المالك ؟ تأويلان

التالي السابق


( ولا يمنع ) بضم الياء أحد ( صيد سمك ) من ماء الأودية والأنهار والأراضي التي لم تملك ; لأن الماء والصيد مباحان للسابق إليهما ، بل ( وإن ) كان الماء الذي فيه السمك في أرض ( من ملكه ) أي المانع فليس له منعه عند ابن القاسم ، وروايته عن الإمام مالك رضي الله تعالى عنهما في الأرض المملوكة لا أرى له منع أحد يصيده فيها إذا كان غدير أو بركة أو بحيرة في أرضك ، وفيها سمك فلا تمنع من يصيد فيها ممن ليس له فيها حق .

( وهل ) عدم المنع منه ( في أرض العنوة ) أي التي استولى عليها المسلمون بالقهر والقتال ( فقط ) أي أرض الصلح ; لأن أرض العنوة وقف فلا يملكها أحد . وأما إن كان في أرض مملوكة فلمالكها منعه ( أو ) عدم المنع مطلقا عن التقييد بكونه في أرض العنوة ، فلا يمنعه في غيرها أيضا في كل حال ( إلا أن يصيد المالك ) فيها فله المنع منه في [ ص: 105 ] الجواب ( تأويلان ) أي فهمان لشارحيها ، وظاهره سواء توالد السمك في الماء أو انجر إليه ، وهو كذلك على المشهور .

وقال أشهب رحمه الله تعالى إن توالد فله منعه ، وإن جره الماء فليس له منعه . فيها لابن القاسم رحمه الله تعالى سألت الإمام مالكا رضي الله تعالى عنه عن بحيرات تكون عندنا بمصر لأهل قرى أراد أهلها بيع سمكها لمن يصيده منها ، فقال الإمام مالك رضي الله تعالى عنه : لا يعجبني أن تباع ; لأنها تقل وتكثر ، ولا يدرى كيف تكون ولا أحب لأحد أن يمنع أحدا من تلك البحيرة يصيد فيها . واختلف الشيوخ في تأويل قوله فقال ابن الكاتب منع ذلك ; لأن الأرض ليست لهم ، إذ أرض مصر وقف ولو كانت الأرض ملكا لهم لكان لهم منع الناس منها . وقال غيره من القرويين إنما لا يمنع الناس منه إذا كان هو لا يصيده ، فلم يبق إلا أن يبيعه وبيعه لا يجوز ; لأنه غرر فلا يمنع الناس هذا محصل ما نقله أبو الحسن عن ابن يونس ، وهو الذي أشار إليه المصنف ، ونصه إثر قولها ولا يمنع من يصيد فيها ولا الشرب منها . ابن الكاتب إنما قال لا يمنع أربابها الناس منها ; لأن الأرض ليست لهم ، وإنما هم متولونها ، وإنما هي أرض مصر ، وهي أرض خراج السلطان .

وأما لو كانت أرض إنسان وملكه لكان له منع الناس ، ولا فرق في ذلك بين جوابه عما حفر في أرضه أن له منع مائه من الناس وله بيعه ، والله أعلم . وقال غيره من شيوخنا القرويين إنما لا يمنع الناس منها إذا كان لا يصيده ، إذ لا يجوز بيعه ; لأنه غرر فلا يمنع الناس منه ، كما قال في الكلأ إن احتاج إليه برعي أو بيع فله منع الناس منه ، وإن لم يحتج إليه ولا وجد له ثمنا فليخل بين الناس وبينه فكذلك برك الحيتان أفاده البناني .




الخدمات العلمية